للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

غفرت خطاياه وإن كانت مثل زبد البحر» (١) إن في ذلك لمزية للمصلين وفضلًا للذاكرين.

أيها المسلمون: ومن مكفرات الذنوب ما نكره وقوعُه علينا ظاهرًا وإن كان فضلًا من الله ورحمة بنا باطنًا، كالأمراضِ نحاذرها جميعًا، ونتقي أسبابها، فإذا حلت بأحدنا وصبر واحتسب كانت كفارة لسيئاته ورفعةً لدرجاته، وكذا المصائب في الأموال والأولاد ... وعن هذه وتلك يقول المصطفى صلى الله عليه وسلم: «إن العبد إذا سبقت له من الله منزلةٌ لم يبلغها بعمله، ابتلاه الله في جسده، أو في ماله، أو في ولده، ثم صبَّره على ذلك حتى يُبلغه المنزلة التي سبقت له من الله تعالى» (٢).

قال يزيدُ بن ميسرة رحمه الله: إن العبدَ ليمرض وما له عند الله من عمل خيرٍ، فيذكِّره اللهُ سبحانه ببعضَ ما سلف من خطاياه، فيخرجُ من عينه مثلُ رأسِ الذباب من الدمع من خشية الله، فيبعثه الله إن يبعثْهُ مطهرًا، أو يقبضه إن قبضه مطهرًا» (٣).

عبادَ الله: والهمومُ والأحزانُ التي تصيب المسلمَ هي الأخرى مكفراتٌ للخطايا، أخرج البخاريُّ ومسلم عن أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «ما يصيبُ المؤمنَ من نَصَبٍ - وهو التعبُ الشديد - ولا وصبٍ - وهو المرض - ولا همٍّ ولا حزنٍ ولا أذىً ولا غمٍّ، حتى الشوكة يُشاكها إلا كفَّر الله بها من خطاياه».


(١) رواه الإمام أحمد ومسلم في «صحيحه» صحيح الجامع ح: ٦١٦٢.
(٢) أخرجه أحمد وأبو داود واللفظ له، ووثق ابن حجر رواته إلا واحدًا، وصححه الألباني في صحيح سنن أبي داود ٢/ ٥٩٧، وانظر: تحفة المريض: ١٩. عبد الله الجعيثن.
(٣) عدة الصابرين: ١٠٢، تحفة المريض، الجعيثن: ٢٣.

<<  <  ج: ص:  >  >>