إخوة الإسلام: ومن فضل الله على هذه الأمة أن ختام العام في شهر ذي الحجة وفيه مغفرة الذنوب لمن حج البيت، أو صام يوم عرفة - لغير الحاج - وابتداءُ العام التالي بشهر الله المحرم، وفي يومُ عاشوراء، وصيامُ عاشوراء يكفر السنة الماضية - كما روى مسلمٌ في «صحيحه»، وبين شهر الله المحرم، وشهر ذي الحجة يأتي شهر رمضان، ومن صام رمضان إيمانًا واحتسابًا غفر له ما تقدم من ذنبه.
أيها المسلمون: ولا ينقطع فضل ربنا، ولا تنتهي مكفرات الخطايا والذنوب عند أعمال الحج والصيام.
بل توجد مكفرات للذنوب نمارسها في اليوم والليلة، كالصلوات، فالصلوات الخمس، مكفرات لما بينها إذا ما اجتنبت الكبائر، ومساكين من يضيِّعون هذه الصلوات أو يتهاونون في أدائها، ومكفراتٌ نمارسها متى شئنا في ليلٍ أو نهار، ولا تكلفنا إلا تحريك اللسان واستحضار القلب، كالذكر والاستغفار، وفي الحديث المتفق على صحته قال صلى الله عليه وسلم:«من قال سبحان الله وبحمده في يوم مائة مرة حطت خطاياه وإن كانت مثل زبد البحر»(١).
دونكم - معاشر المسلمين - ذكرًا قد يبدأ به أعداد من المسلمين، فيعاجلهم الشيطان فيقطعونَهُ قبل إتمامه، وإذا عوجل المسلم عن إتمام الذكر ... وهو بعد في المسجد؛ فكيف ترى الشيطان يصنع به خارج المسجد، وعن هذا الذكر يقول المصطفى صلى الله عليه وسلم: «من سبح اللهَ في دبرِ كلِّ صلاةٍ ثلاثًا وثلاثين، وحمد الله ثلاثًا وثلاثين، وكبر اللهَ ثلاثًا وثلاثين، فتلك تسع وتسعون، وقال تمام المائة: لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير،
(١) أحمد، البخاري ومسلم وغيرهم صحيح الجامع ح: ٦٣٠٧.