للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

كَبَائِرَ مَا تُنْهَوْنَ عَنْهُ نُكَفِّرْ عَنْكُمْ سَيِّئَاتِكُمْ} (١).

أما الأمرُ الثاني فهو الحذرُ من شؤمِ المعصية، وعدم الاستهانةِ بالسيئة مهما صغرت، يقول صلى الله عليه وسلم: «إياكم ومحقرات الذنوب - كقوم نزلوا في بطنِ وادٍ فجاء (ذا) بعودٍ، وجاء (ذا) بعودٍ حتى أنضجوا خبزتهم، وإن محقراتِ الذنوب متى يُؤخذُ بها صاحبُها تُهلكه» (٢).

ومن هذا المعنى حذر الشاعرُ من الذنوب صغيرها وكبيرها فقال:

خلِّ الذنوبَ صغيرَها ... وكبيرَها ذاكَ التقى

واصنع كماشٍ فوق أر ... ض الشوك يحذر ما يرى

لا تحقرن صغيرةً إن ... الجبالَ من الحصى (٣)

وإذا ابتليت بالذنب فبادر بالتوبة والاستغفار، وما تعظمت الذنوب إلا بسبب الغفلة وعدم التوبة والندم. قال كعبٌ: إن العبد ليذنب الذنبَ الصغيرَ ولا يندم عليه ولا يستغفرُ منه، فيعظمُ عند الله حتى يكون مثلَ الطور، ويعملُ الذنب العظيم فيندم عليه ويستغفرُ منه فيصغرُ عند الله عزّ وجلّ حتى يغفر له (٤).

قال الفضيل رحمه الله: بقدرِ ما يصغر الذنبُ عندك كذا يعظم عند الله، وبقدر ما يعظم عندك كذا يصغر عند الله (٥).

يا عبدَ الله: وإياك والمجاهرة بالمعصية - إذا سترك الله، والرسولُ صلى الله عليه وسلم يقول: «كلُّ أمتي معافى إلا المجاهرون». متفق عليه.

يا أخا الإيمان: سائل نفسك أولًا عن ممارسة هذه المكفرات، ثم سائل


(١) سورة النساء، الآية: ٣١.
(٢) أخرجه أحمد وحسَّنه ابنُ حجر - الفتح: ١١/ ٣٢٩.
(٣) شؤم المعصية، الدويش: ١٧.
(٤) رواه البيهقي في شعب الإيمان: ٧١٥١.
(٥) السابق ٧١٥٢ عن شؤم المعصية: ١٧.

<<  <  ج: ص:  >  >>