للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

{وَإِنْ تُطِعْ أَكْثَرَ مَنْ فِي الْأَرْضِ يُضِلُّوكَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ} (١)، وقال تعالى: {وَلَقَدْ صَدَّقَ عَلَيْهِمْ إِبْلِيسُ ظَنَّهُ فَاتَّبَعُوهُ إِلَّا فَرِيقًا مِنَ الْمُؤْمِنِينَ} (٢)، وقال تعالى: {وَقَلِيلٌ مِنْ عِبَادِيَ الشَّكُورُ} (٣).

قال عليه الصلاة والسلام حين سُئِلَ: أنهلك وفينا الصالحون؟ قال: «نعم، إذا كثر الخبث». وفي الحديث الآخر: «لا تقوم الساعةُ حتى يرفع العلم، ويظهر الجهل، ويفشو الزنا، ويشرب الخمر» متفق عليه.

وعن الزبير بن عدي قال: أتينا أنسًا فشكونا إليه ما نلقى من الحجَّاج، فقال: اصبروا، فإنه لا يأتي عليكم زمانٌ إلا والذي بعده شرٌّ منه حتى تلقوا ربكم، سمعته من نبيكم صلى الله عليه وسلم، رواه البخاري.

هذه الكثرةُ للفسادِ والمبطلين، والقلةُ لأهل الصلاح والتقوى واليقين لحكمة يعلمها الله {وَلَوْ شَاءَ رَبُّكَ لَآمَنَ مَنْ فِي الْأَرْضِ كُلُّهُمْ جَمِيعًا أَفَأَنْتَ تُكْرِهُ النَّاسَ حَتَّى يَكُونُوا مُؤْمِنِينَ} (٤).

والغفلةُ عن حكمة الله وتقديره في هذا الكون، قد تضعف معها بعضُ النفوس أحيانًا، وقد ينظرُ المرءُ أحيانًا إلى الفسادِ يسري في الأرض سريان النار في الهشيم، وإلى المفسدين تُتاح لهم من الفرص ما لا تُتاح للخيرين ... هنا ربما وهن عزمُ المسلمِ أو ساورته بعض الشكوك في طريقه إلى الله، ولربما أساء الظنَّ بربه، أو قلل الأدبَ مع خالقه، فقال بلسان حالهِ أو مقاله: ولماذا يُمَكَّنُ المفسدون؟ وكيف تكون الغلبةُ للكافرين، والذلةُ والتشرذمُ من نصيب المسلمين؟ والله لا يُسألُ عما يفعل وهم يسألون. ولو فتَّش في نفسه وفي


(١) سورة الأنعام، الآية: ١١٦.
(٢) سورة سبأ، الآية: ٢٠.
(٣) سورة سبأ، الآية: ١٣.
(٤) سورة يونس، الآية: ٩٩.

<<  <  ج: ص:  >  >>