للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

حال إخوانه لوجد من الضعف وعدم الجدية في حمل هذا الدين، ما سبب هذا الواقع المهين، ولا يظلم ربك أحدًا، ولا يخلف الله وعده، ولكن أكثر الناس لا يعلمون.

والمهمُّ أن نتعرف على الأسباب التي تجعلُ من الضعيف قويًا، ومن القلةِ ذاتِ أثرٍ فاعل، وإن شئت فقل: ما عناصرُ القوةِ للمسلم؟

إن أول عناصر القوة: الإيمانُ الحقُّ بالله، وذلك الإيمانُ يربي النفوس على عدم الخوف من أحدٍ مهما كان، إلا الله الواحد القهار: {فَلَا تَخَافُوهُمْ وَخَافُونِ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ} (١).

لقد تحدى السحرةُ بهذا الإيمان فرعون: {قَالُوا لَنْ نُؤْثِرَكَ عَلَى مَا جَاءَنَا مِنَ الْبَيِّنَاتِ وَالَّذِي فَطَرَنَا فَاقْضِ مَا أَنْتَ قَاضٍ إِنَّمَا تَقْضِي هَذِهِ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا (٧٢) إِنَّا آمَنَّا بِرَبِّنَا لِيَغْفِرَ لَنَا خَطَايَانَا وَمَا أَكْرَهْتَنَا عَلَيْهِ مِنَ السِّحْرِ وَاللَّهُ خَيْرٌ وَأَبْقَى} (٢)، وبالإيمان صرّح الرجلُ الذي جاء من أقصى المدينة يسعى ويحث على إتباع المرسلين: {إِنِّي آمَنْتُ بِرَبِّكُمْ فَاسْمَعُونِ (٢٥) قِيلَ ادْخُلِ الْجَنَّةَ قَالَ يَا لَيْتَ قَوْمِي يَعْلَمُونَ (٢٦) بِمَا غَفَرَ لِي رَبِّي وَجَعَلَنِي مِنَ الْمُكْرَمِينَ} (٣)، وكذلك استعلى بالإيمان أصحاب الأخدود {وَمَا نَقَمُوا مِنْهُمْ إِلَّا أَنْ يُؤْمِنُوا بِاللَّهِ الْعَزِيزِ الْحَمِيدِ} (٤)، والأمثلة على ذلك أكثر من أن تحصى.

العنصرُ الثاني: صدقُ التوكل على الله، فمنه يُستجلبُ النصرُ، وبه يُدفع الضرُّ، ومع التوكل عليه وحده يبطل كلُّ كيد ويعيش المتوكلُ قرير العين، متحديًا كلَّ أحد.


(١) سورة آل عمران، الآية: ١٧٥.
(٢) سورة طه، الآيتان: ٧٢، ٧٣.
(٣) سورة يس، الآيات: ٢٥ - ٢٧.
(٤) سورة البروج، الآية: ٨.

<<  <  ج: ص:  >  >>