للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ولا يزالون يذُكَّرون العهدَ بعداوة الشيطان وأثره في إغواء البشرية {أَلَمْ أَعْهَدْ إِلَيْكُمْ يَا بَنِي آدَمَ أَنْ لَا تَعْبُدُوا الشَّيْطَانَ إِنَّهُ لَكُمْ عَدُوٌّ مُبِينٌ (٦٠) وَأَنِ اعْبُدُونِي هَذَا صِرَاطٌ مُسْتَقِيمٌ (٦١) وَلَقَدْ أَضَلَّ مِنْكُمْ جِبِلًّا كَثِيرًا أَفَلَمْ تَكُونُوا تَعْقِلُونَ} (١).

عباد الله: لا بد من الحذرِ من مكرِ الشيطان، ولا بد من الاستعداد لهذه المعركةِ التي لا يخبو أوارُها، ولا يُسَلِّمُ أو ييأسُ محركُها ... إن الشيطان يحضر غداءكم وعشاءكم، ويقتحم عليكم بيوتكم وفرشكم، وهو معكم في حين خلوتكم أو اجتماعكم، وفي حال فقركم أو غناكم، مع الذكر والأنثى والصغير والكبير ... معكم ما دامت أرواحكم في أجسادكم، وما برحت الدماءُ تسري في عروقكم، وكفى بحديث المصطفى صلى الله عليه وسلم دقةً وتبيانًا لحضور الشيطان، حين يقول: «إن الشيطان يجري من ابن آدم مجرى الدم» متفق عليه (٢).

إنها البليةُ العظمى والفتنة المستشرية، والمعركةُ المتجددةُ، ولكن الله جعل لنا مخرجًا، ويكفي أن يستأنس المؤمنون بقوله تعالى: {إِنَّ كَيْدَ الشَّيْطَانِ كَانَ ضَعِيفًا} (٣)، وبقوله تعالى: {إِنَّ عِبَادِي لَيْسَ لَكَ عَلَيْهِمْ سُلْطَانٌ} (٤)، ويعترف الشيطان بعجزه عن إغواء المخلصين: {قَالَ فَبِعِزَّتِكَ لَأُغْوِيَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ (٨٢) إِلَّا عِبَادَكَ مِنْهُمُ الْمُخْلَصِينَ} (٥).

فالله الله أن يتلاعب الشيطانُ بأحدِكم كما يتلاعب الغلمانُ بالكرة، وإياكم أن تخسروا كلَّ أو معظم المعارك مع الشيطان حتى إذا وردتم على الله محمَّلين بالخطايا والآثام أخلفكم وعده، وصدقكم وهو الكذوبُ قال الله على لسانه: أعوذ بالله من الشيطان الرجيم: {وَقَالَ الشَّيْطَانُ لَمَّا قُضِيَ الْأَمْرُ إِنَّ اللَّهَ وَعَدَكُمْ


(١) سورة يس، الآيات: ٦٠ - ٦٢.
(٢) انظر صحيح الجامع: ٢/ ٧٥.
(٣) سورة النساء، الآية: ٧٦.
(٤) سورة الحجر، الآية: ٤٢.
(٥) سورة ص، الآيتان: ٨٢، ٨٣.

<<  <  ج: ص:  >  >>