للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الشيطان. وكلما غلبتك عينُك على النظرة المحرمة، أو خانتك أذُنكَ على السماع المحرم، أو مشت بك رجلُك إلى الحرام، أو امتدت يدُك إليها فاعلم أنك ضعفت في المقاومة أمام جند الشيطان ... وسينقلونك إلى معركةٍ أخرى، وستقع في النهاية ضحيةً لمكرِ الشيطان وتلاعبه.

يا أيها الإنسانُ ما غرك بربك الكريم ... أترضى بغرور الشيطان، وتستلمُ لعدوك، وقد أخرج أبويك من الجنةِ، وأهبطهما إلى الأرض حين استزلهما وأخرجهما مما كانا فيه؟ ولا يغرنك بنصحِه فقد قاسم أبويك وهو كذوب: {وَقَاسَمَهُمَا إِنِّي لَكُمَا لَمِنَ النَّاصِحِينَ} (١) فكانت النتيجة {فَدَلَّاهُمَا بِغُرُورٍ} (٢) وما أشدَّ حسرتك حين يوقعك ثم يعود لك لائمًا مُتبرئًا: {كَمَثَلِ الشَّيْطَانِ إِذْ قَالَ لِلْإِنْسَانِ اكْفُرْ فَلَمَّا كَفَرَ قَالَ إِنِّي بَرِيءٌ مِنْكَ إِنِّي أَخَافُ اللَّهَ رَبَّ الْعَالَمِينَ} (٣).

وفي تاريخ البشرية كلِّها قديمها وحاضرها، لم يُرفع سلاحٌ بغير حق إلا وكان للشيطان فيه نصيبُ الإغواء، ولم يقع خلافٌ بين ابنٍ وأبويه، أو زوجٍ وزوجته أو أخ لأخيه ... إلا وكان الشيطانُ حاضرًا مُغْويًا، ولم يكن ثمةَ انحرافٌ في الفكر والمعتقد، أو خلٌ في السلوك وتساقطٌ في الأخلاق، وانهيارٌ في القيم إلا وكان للشيطانِ فيها خطواتٌ مُستدرِجة ثم موقعة، ثمَّ تعقبها الحسرةُ والندامة.

أفلا يفكرُ العقلاءُ بالنتائج المُرَّةِ لطاعةِ الشيطان، إنْ في الدنيا بالخزي والذلِّ والندامة وشؤم المعصية، أو في الآخرةِ حيثُ الإقامةُ الدائمةُ والعذابُ المهين، والحسرة والندامةُ، لقد قرع الأسماعَ تحذيرُ اللطيف الخبير من مكر الشيطان وغدره، ونودي بنو آدم من السماء نداءً صادقًا: {يَا بَنِي آدَمَ لَا يَفْتِنَنَّكُمُ الشَّيْطَانُ كَمَا أَخْرَجَ أَبَوَيْكُمْ مِنَ الْجَنَّةِ} إلى قوله: {إِنَّا جَعَلْنَا الشَّيَاطِينَ أَوْلِيَاءَ لِلَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ} (٤).


(١) سورة الأعراف، الآية: ٢١.
(٢) سورة الأعراف، الآية: ٢٢.
(٣) سورة الحشر، الآية: ١٦.
(٤) سورة الأعراف، الآية: ٢٧.

<<  <  ج: ص:  >  >>