للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

كالذين آذوا موسى فبرأه الله مما قالوا وكان عند الله وجيهًا يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله وقولوا قولاً سديدًا} (١).

وقبل الذهبي كشف الإمام أحمد رحمه الله أسباب كثرة الكلام والتهم على العالم من أقرانه ومعاصريه فقال «اعلموا رحمكم الله تعالى أن الرجل من أهل العلم إذا منحه الله شيئًا من العلم وحرمه قرناؤه وأشكاله حسدوه، فرموه بما ليس فيه، وبئست الخصلة في أهل العلم» (٢).

أي وربي صدق الإمام أحمد، وبئست الخصلة في أهل العلم إنها الماحقة للدين، والموغلة بصدور المؤمنين، والميدان الرحب يفرح به المغرضون والمنافقون، وتلك بضاعة الشيطان يصد بها المسلمين عن ذكر الله وشكره وحسن عبادته وهو يصور لهم أن ذلك هو الجهاد الحق وإنه أولى من جهاد الكفار والمنافقين، وأن كشف زيف هؤلاء أولى وخطرهم على الدين أشد وأقضي.

وهكذا يزين الشيطان لبعض الناس ويتلاعب بعقولهم حتى تصبح الردود والتهم شغلهم الشاغل بها ينصرفون عن البناء وإكمال مسيرة العلماء، وبها ينسون عيوبهم وسبل إصلاحها ويشتغلون بعيوب الآخرين ويتزيدون فيها .. والمسلم الحق كما قال النبي صلى الله عليه وسلم من سلم المسلمون من لسانه ويده، وأربى الربى استطالة المرء في عرض أخيه، كما جاء في الحديث، وفي الرواية الأخرى «أربى الربا شتم الأعراض» (٣).


(١) سورة الأحزاب، الآيتان: ٦٩، ٧٠، سير أعلام النبلاء ١٠/ ٤٨.
(٢) السير ١٠/ ٥٨ هامش (١).
(٣) صحيح الجامع ٢/ ٣٠٠.

<<  <  ج: ص:  >  >>