للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

إخوة الإيمان .. أما كيف تعامل العلماء قديمًا مع هذه الخلافات والنجوى .. وماذا ينبغي أدن يتعامل به الناس حديثًا، فهو طي هذا اللغط وإهمال أصحابه، والحرص على ردم الهوة بين المسلمين، وعدم مجاراة المغرضين فلا يعني السكوت على ترديد الشائعات والتهم الضعف والخور بقدر ما يعني التعقل والثقة والانشغال بالأهم، وسيكفي الله عباده الصالحين شر الأشرار وكيد الفجار، والله تعالى يدافع عن الذين آمنوا، والحق مهما اختلط بغيره فلا بد أن يظهر أصحابه، والباطل مهما تستر أصحابه فلا بد أن يكشفهم الله ويفضحهم في جوف دارهم .. وما ربك بغافل عما يعملون، ولا يظلم ربك أحدًا، والعاقبة للتقوى.

حول هذا المنهج قال الإمام الذهبي رحمه الله كلامًا طويلاً أقتبس منه العبارات التالية: «كلام الأقران إذا تبرهن لنا أنه بهوى وعصبية لا يلتفت إليه بل يطوى ولا يروى، ثم تحدث عما شجر من الصحابة وقال: إن أكثره منقطع وضعيف وبعضه كذب .. فينبغي طيه وإخفاؤه، بل إعدامه لتصفو القلوب وتتوفر على حب الصحابة والترضي عنهم، وكتمان ذلك متعين عن العامة وآحاد العلماء، إلى أن قال: ثم تكلم خلق من التابعين بعضهم في بعض وتحاربوا وجرت أمور لا يمكن شرحها فلا فائدة في بثها، ووقع في كتب التواريخ وكتب الجرح والتعديل أمور عجيبة، والعاقل خصم نفسه، ومن حسن إسلام المرء تركه ما لا يعنيه، ولحوم العلماء مسمومة .. إلى آخر كلامه (١).

ألا فليتق الله أولئك الذين يروجون الشائعات ويلصقون التهم وىكتبون الكتابات ويتزيدون في التأويلات، ويتدخلون في تفسير المقاصد والنيات .. وتلك لا يعلمها إلا عالم السر والخفيات.


(١) سير أعلام النبلاء ١٠/ ٩٢ - ٩٤.

<<  <  ج: ص:  >  >>