للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

{وَأَعِدُّوا لَهُمْ مَا اسْتَطَعْتُمْ مِنْ قُوَّةٍ} (١)، لكن عليهم أن يدركوا أن النصر لهم في النهاية ليس بقوة المسلمين وجهدهم، وإنما بقوة الله ودفعه كما قال تعالى: {قَاتِلُوهُمْ يُعَذِّبْهُمُ اللَّهُ بِأَيْدِيكُمْ} (٢).

والمسلمون، إذا صدقوا، سببٌ لتحقيق قدرِ الله وإرادته في عدوه وعدوهم: {فَلَمْ تَقْتُلُوهُمْ وَلَكِنَّ اللَّهَ قَتَلَهُمْ وَمَا رَمَيْتَ إِذْ رَمَيْتَ وَلَكِنَّ اللَّهَ رَمَى} (٣).

وكل ذلك لا يدعو المسلمين للتواكل، ولكنه مشعرٌ لهم أن النصر من عند الله، وهو مُشعرٌ كذلك ألا يهن المسلمون ويضعفوا وهم يرون ما بالأعداء من قوة، فـ «يدُ الله فوق أيديهم»، وأمرُه إذا أراد شيئًا بين الكاف والنون: {وَمَا أَمْرُنَا إِلَّا وَاحِدَةٌ كَلَمْحٍ بِالْبَصَرِ} (٤).

وقد سبق للمسلمين والرسول صلى الله عليه وسلم بين ظهرانيهم أن هُزموا وهم كثرة كما في حنين، وانتصروا وهم قلة كما في بدر، وفي واقعنا المعاصر يشهد الناسُ نماذج لانتصار المسلمين وهم قِلة مستضعفون، واندحار المبطلين وهم كثرةٌ مدججون بالسلاح، أفلا يفيقُ المسلمون ويدركون أسباب النصر وجهته، والله يذكرهم بهذا في كتابه ويقول: {وَمَا النَّصْرُ إِلَّا مِنْ عِنْدِ اللَّهِ الْعَزِيزِ الْحَكِيمِ} (٥)، ويقول: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ تَنْصُرُوا اللَّهَ يَنْصُرْكُمْ وَيُثَبِّتْ أَقْدَامَكُمْ} (٦).

تلك معانٍ ورؤىً لا بد أن نستشعرها في حربنا مع أعدائنا، ولا بد أن نعيها حين نريد التمكين في الأرض، ولا بد من الإيمان بها ونحن نستشرف المستقبل للإسلام والغلبةَ للمسلمين إن شاء الله، تحقيقًا لا تعليقًا، ولكن أمدَ ذلك علمُه عند الله، ولكن يقظة المسلمين واجتماع كلمتِهم وصدقِهم وجهادهم ... كلُّ


(١) سورة الأنفال، الآية: ٨٠.
(٢) سورة التوبة، الآية: ١٤.
(٣) سورة الأنفال، الآية: ١٧.
(٤) سورة القمر، الآية: ٥٠.
(٥) سورة آل عمران، الآية: ١٢٦.
(٦) سورة محمد، الآية: ٧.

<<  <  ج: ص:  >  >>