سائلُكَ .. وأدَعُ الإجابةَ لكَ فأنتَ على نفسِكَ رقيبٌ .. ولن يكونَ أحدٌ أحرصَ منكَ على نجاةِ نفسِكَ وإسعادِها.
والسؤالُ الموجّه يقول: بِم تُفكّرُ بعدَ انقضاءِ شهرِ رمضانَ؟ وأُسارعُ إلى مساعدتِكَ في اختيارِ الجواب لأقولَ لك: إن كنتَ عَزَمتَ على مواصلةِ الخيرِ فرعاكَ اللهُ وسدَّدكَ ووفَّقكَ وأعانكَ، وأَنتَ أهلٌ لحُسنِ الظنّ بكَ، وإن ضعُفتْ نفسُكَ وفكّرتَ بأمرِ سوء .. وهممتَ بنقضِ غَزْلِكَ في رمضانَ، والعودة إلى مُنكراتٍ كنتَ تُزاوِلُها قبلَ رمضانَ، فاتّقِ اللهَ وادفعْ هذه الفِكَر السيئةَ، وجاهدْ نفسَكَ على الخلاصِ منها، وهل ترضى أن تُصنّفَ مع أقوامٍ بئسَ هُمُ القومُ، لا يعرفونَ اللهَ إلا في رمضانَ .. وليس من العقلِ أو الحزمِ أن تُضيِّعَ رصيدًا جمعْتَه في شهرِ الصيامِ .. استبشرتَ به أنتَ، وحفِظَه لك الكرامُ الكاتبون، وستلقاهُ مذخورًا لكَ يومَ الحسابِ.
يا أخا الإيمانِ: إنّ تقوى الصيامِ ينبغي أن تظهرَ على المسلمِ في شهرِ الصيامِ وبعد شهرِ الصيامِ .. وإلا فَما تحقَّقتِ التقوى - وهي الحكمةُ - من وَراءِ الصيام.
أيّها الناسُ: كُلُّنا غَدَا بالأمسِ للعيد، وكلُّنا لبسَ الجديدَ، وتلك مظاهرُ نشتركُ فيها جميعًا .. ولكن ثمةَ مظاهِرُ نتفاوتُ فيها، وتلكَ التي تستحقُّ أن نَتنبَّه لها وأن نتنافسَ فيها .. إن الموفَّقَ حقًا - يومَ العيدِ - من كان بالطاعةِ سعيدٌ .. والموفَّقُ من حفظَ له الكرامُ الكاتبونَ ما يُسعدُه يومَ الوعيدِ .. وتلكَ وربِّي، وإن لم نقطعْ بها لأحدٍ في هذه الحياةِ فستنكشفُ يومَ العرضِ على اللهِ .. وما أعظمَ الفَضيحةَ حين يُكشفُ عن ساقٍ ويُدعى أقوامٌ للسجود فلا يستطيعونَ .. وحينَ تتطايَرُ الصّحفُ، فمنهم من هو آخذُها باليمينِ وهو في العيشةِ الراضيةِ والجنةِ العاليةِ .. ومنهم من يأخذُها بالشمال وأولئكَ الذين يُقال لهم: {خُذُوهُ فَغُلُّوهُ (٣٠)