للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ثُمَّ الْجَحِيمَ صَلُّوهُ (٣١) ثُمَّ فِي سِلْسِلَةٍ ذَرْعُهَا سَبْعُونَ ذِرَاعًا فَاسْلُكُوهُ} (١) - وأولئكَ أهلُ الزَّقومِ والغِسلين.

أيّها المسلمونَ: وفرحتُكم بالعيدِ مَظهرٌ من مظاهرِ دينِكم، وشِعارٌ للفرحةِ بإتمامِ الصيام والتوفيقِ للقيام، وتلاوةِ القرآن .. بل هي جزءٌ من قوله تعالى: {قُلْ بِفَضْلِ اللَّهِ وَبِرَحْمَتِهِ فَبِذَلِكَ فَلْيَفْرَحُوا هُوَ خَيْرٌ مِمَّا يَجْمَعُونَ} (٢).

ولكن هذه الفرحةَ ينبغي أن لا تُنسيَكُم جموعًا من إخوانكمُ المسلمينَ كتبَ اللهُ أن يعيشوا في مِحَنٍ وبلايا - وحصارٍ وأذى من قِبَلِ الأعداءِ .. وأولئك المُمْتَحنونَ لا ندري كيفَ كانَ عيدُهم .. وإلى أيّ مدى استشعروا العيدَ وفرحتَه كما استشعره إخوانُهم .. ولكنا بكلِّ حالٍ ينبغي أن ندركَ أنهم جزءٌ مِنّا .. وعلينا أن نسعى لإسعادِهم، وأن نساهِمَ بما نستطيعُ في رَفْعِ نوازِلِهم، وعسى اللهُ أن يأتي العيدُ القادمُ وهم سالمونَ آمنونَ، أعزّاء منتصرون.

إخوة الإسلام: إن في دينِنَا فسحةً للفرحِ والبهجةِ - ولاسيما في أيامِ العيدِ .. ولكن احذروا أن يتحوّلَ الفرحُ المشروعُ إلى بَطَرٍ وأَشَرٍ، وفيما أحلّ اللهُ غنيةٌ عمّا حرَّمَ. عَظّموا اللهَ في حالِ سَرّائِكم وضرّائِكم، واعبدُوه وأطيعوه في حال أفراحِكُم وأحزانِكُم، فأنتم مأمورونَ بالعبوديةِ للهِ في كلّ حالٍ من أحوالكم: {قُلْ إِنَّ صَلَاتِي وَنُسُكِي وَمَحْيَايَ وَمَمَاتِي لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ (١٦٢) لَا شَرِيكَ لَهُ وَبِذَلِكَ أُمِرْتُ وَأَنَا أَوَّلُ الْمُسْلِمِينَ} (٣).

عبادَ الله: اجعلوا من أيامِ العيدِ فرصةً للصِّلةِ والزيارةِ، والعفوِ والمسامحةِ، والمحبةِ والرحمةِ .. وما لم تتصافى النفوسُ في أيام الأعيادِ والبهجةِ والسرورِ،


(١) سورة الحاقة، الآيات: ٣٠ - ٣٢.
(٢) سورة يونس، الآية: ٥٨.
(٣) سورة الأنعام، الآيتين: ١٦٢، ١٦٣.

<<  <  ج: ص:  >  >>