تعالى:{فَهَلْ عَسَيْتُمْ إِنْ تَوَلَّيْتُمْ أَنْ تُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ وَتُقَطِّعُوا أَرْحَامَكُمْ}(١) على أن الرحم قد تطلقُ ويُرادُ بها - مع الأقربين - الأبعدونَ من أهلِ الإسلامِ والإيمان - وهناك وقفةٌ للقرطبي رحمه الله في تفسير الآيةِ السابقة، قال فيها: وبالجملةِ فالرحمُ على وجهينِ: عامةٍ وخاصةٍ.
فالعامةُ: رَحِمُ الدِّين، ويجب مواصلتُها بملازمةِ الإيمانِ، والمحبةِ لأهلِه ونُصرتهم، والنصيحةِ وتركِ مضارتهم، والعدلِ بينهم، والنَّصفةِ في معاملتِهم، والقيامِ بحقوقِهم الواجبةِ، كتمريضِ المرضى وحقوقِ الموتى، من غَسلِهم والصلاةِ عليهم ودفنِهم، وغير ذلك من الحقوقِ المترتبةِ لهم.
وأما الرّحِمُ الخاصةُ، وهي رَحِمُ القرابةِ من طرفي الرجلِ أبيهِ وأمّهِ، فيجبُ لهم الحقوقُ الخاصةُ وزيادةٌ، كالنفقةِ وتفقُّدِ أحوالهم، وتركِ التغافلِ عن تعاهُدهِمِ في أوقاتِ ضروراتِهم، وتتأكدُ في حقّهِم حقوقُ الرحمِ العامةِ، حتى إذا تزاحمتِ الحقوقُ بُدئَ بالأقربِ فالأقربِ. (الجامع لأحكام القرآن ١٦/ ٢٤٧).
عبادَ الله: ألا فصِلُوا أرحامَكُم في كلّ حينٍ، واستثمروا فُرصَ الأعيادِ لمزيدِ الصِّلةِ والإحسان، ولا تنسَوا حقوقَ إخوَّةِ الإسلامِ ورَحمَ الدِّين، لا سيّما لمن بهم حاجةٌ إليكم.
ألا وإن من المظاهرِ الطيبةِ لقاءاتِ العوائلِ الزَّمانيةِ أو الموسميةِ، تلكَ التي لا تخلو من كلمةٍ طيبةٍ، أو برنامجٍ لطيفٍ هادفٍ، أو التفاتةٍ للمحتاجينَ في الأسرةِ ودعمِهم من خلالِ صندوقِ الأسرة، أو إعاناتٍ وتبرعاتٍ مقطوعةٍ - أو نحو ذلك من مشاريعَ تزيدُ في بناءِ الأسرةِ، وتُسهمُ بشكلٍ عامٍّ في بناءِ المجتمع الإسلامي على الرحمة والبِرِّ والإحسان .. وكم هو جميلٌ حينَ يكونُ للمرأةِ