الصلاةُ والسلامُ، فأولئكَ يعلمونَ الحقَّ ويعملونَ به، ويدعونَ الناسَ إليه، ويكرهونَ الباطلَ ويحذِّرونَ الناسَ منه .. وهؤلاء وإن قلّ عددُهم واستحكمت غُربتُهم .. فطوبى لهم .. وموعدُهم وموعدُ غيرِهم يومَ التنادِ - وهناك الجزاءُ الحقُّ وذلك يومُ التغابن.
إخوةَ الإيمانِ: وإذا كانَ يجدرُ بنا في هذا الشهرِ الحرام أن نحاسبَ أنفسَنا، وأن نعَظّم حُرماتِ اللهِ، وأن نتقربَ إلى اللهِ بطاعته، فهل نتخذُ من ذلك وسيلةً لتربيةِ النفوسِ على طاعةِ الله ومحاسبتهِا على الدَّوام.
عبادَ الله: وقد اقتضتْ حكمةُ الله - يومَ أن خلَقَنا واستخْلَفَنا في الأرض - ألا نكون ملائكةً لا نعصي اللهَ أبدًا .. فقد يقعُ الذنبُ، وقد يُقصِّرُ العبدُ فيما أوجبَ اللهُ عليه، ولكن هل تستمرُّ الغفلةُ، وهل يستمرِئُ المسلمُ المعصيةَ ويستمرُّ على الذنبِ. إن الذكرى تنفعُ المؤمنين، والموعظةُ تنبهُ الغافلينَ، ومن في قلبه حياةٌ تتحركُ هِمّتُه للخيرِ إذا دُعِيَ إليه، ويخافُ من عقوبةِ الذنبِ إذا حُذِّرَ منه.
والناسُ في ارتكابِ المعاصي والذنوبِ على ثلاثةِ أصنافٍ - كما قال العلماءُ-:
صنفٌ من الذنب تائبٌ موطنٌ لنفسِه على هجرانِ ذنبِه، لا يريدُ الرجوعَ إلى شيءٍ من سيئتِه وهذا - هو المُبرِّز -.
وصنفٌ يذنبُ ثم يندمُ، ويذنبُ ويحزنُ، ويذنبُ ويبكي، هذا يُرجى له ويُخافُ عليه.
وصنفٌ يذنبُ ولا يندمُ ولا يحزنُ، ويذنبُ ولا يبكي، فهذا الكائنُ الحائدُ عن طريقِ الجنةِ إلى النار (١).