للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وجعل الذنبَ فيهنّ أعظمُ، والعملَ الصالحَ والأجرَ أعظم (١).

عبادَ الله: هل نُعظمُ هذه الأشهرَ الحُرم، وكم من المسلمينَ يُعظِّمُها؟ ! وتعظيمُها إنما يكون بعملِ الصالحاتِ المشروعةِ، والبُعدِ عن المحرَّماتِ.

وهل يكونُ أهلُ الجَاهليةِ بكفرهِم وإثمِهِم وانحرافِهِم أكثرَ تعظيمًا لحُرماتِ اللهِ من أهلِ الدِّين الحقِّ والفطرةِ السليمةِ؟ !

إنَّ كثيرًا من المسلمينَ يُعظِّمون شهرَ الصيامِ، ويتقربونَ إلى الله فيه بالطاعاتِ، واجتنابِ المحرّماتِ - وذلك أمرٌ طيبٌ ومحمودٌ - ولكن كم مِنَ المسلمينَ يفعلُ ذلك في الأشهرِ الحُرم؟

كم نظلمُ أنفسَنا بارتكابِ المعاصي وفعلِ الآثامِ، ونحن منهيّونَ عن ذلك على الدَّوام، والنهيُ آكدُ في الأشهرِ الحُرمِ.

لقد كثُرتِ المآثمُ .. وظهر الفسادُ في البَرِّ والبحرِ بما كسبت أيدي الناس .. وتلاعبَ الشيطانُ بالناسِ وأضلَّهم عن صراطِ اللهِ المستقيم، فهذا صريعُ الشهواتِ، وذلكَ مفتونٌ بالشُّبهاتِ، وثالثٌ غافلٌ عن الأوامرِ الربّانيةِ، ورابعٌ غارقٌ في المحرَّمات، وخامسٌ لا يقتصرُ على إفسادِ نفسِه، بل يدعو غيرَه لاقترافِ المحرَّمات، ويحاولُ جهدَه خرقَ جدارِ الفضيلةِ .. وتحطيمَ سياجِ الواجباتِ، وبينَ هؤلاءِ وأولئكَ فئَامٌ من المسلمينَ تعيشُ على تقليدِ الآخرين، وتتّبِعُ الموجاتِ، وصلاحُهم أو فسادُهم مربوطٌ بالآخرين .. فلا إرادةَ لهم ولا همةَ ترتفعُ بهم .. رعاعٌ هَملٌ، يتبعونَ الناعقَ حيثُ صاحَ بهم، حتى وإن كان يقودُهم إلى الهاويةِ.

أما الذين ينظرونَ بنورِ اللهِ، ويهتدونَ بهدي القرآن، ويقتدونَ بمحمدٍ عليه


(١) تفسير ابن كثير عند آية التوبة ٤/ ٨٩.

<<  <  ج: ص:  >  >>