للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

تُرْجَعُونَ (١١٥) فَتَعَالَى اللَّهُ الْمَلِكُ الْحَقُّ} (١).

قال ابنُ القيِّم رحمَه اللهُ: ولهذا كان الصوابُ أن المعادَ معلومٌ بالعقلِ مع الشرعِ، وأن كمالَ الربِّ تعالى وكمالَ أسمائه وصفاتِه تقتضيه وتُوجِبُه (٢).

الفائدةُ الثانية: للعبدِ سترٌ بينَه وبين اللهِ، وسِترٌ بينه وبين الناسِ، فمن هتكَ السترَ الذي بينه وبين اللهِ، هتكَ اللهُ السترَ الذي بينه وبين الناسِ.

وللعبدِ ربٌّ هو ملاقيهِ، وبيتٌ هو ساكِنُهُ، فينبغي له أن يسترضيَ ربَّه قبل لقائِه، ويعمرَ بيته قبل انتقالِه إليه.

الفائدةُ الثالثة: قالوا: أصولُ الخطايا كلُّها ثلاثةٌ: الكِبرُ، والحِرصُ، والحَسدُ. فالكِبرُ هو الذي أصارَ إبليسَ إلى ما أصارَهُ، والحرصُ هو الذي أخرجَ آدمَ من الجنةِ، والحسدُ هو الذي جرّأَ أحدَ ابنَي آدمَ على أخيهِ، فمن وُقِيَ شرَّ هذه الثلاثةِ فقد وقيَ الشرَّ، فالكفرُ من الكِبرِ، والمعاصي من الحِرصِ، والبغيُ والظلمُ من الحسدِ.

الفائدة الرابعة: احذر يا عبدَ الله من هجرِ القرآنِ، وهجرُ القرآنِ أنواع: فمنها:

هجرُ سماعِه والإيمانِ به والإصغاءِ إليه.

الثاني: هجرُ العملِ به والوقوفِ عند حلالِه وحرامِه وإن قرأه وآمنَ به.

الثالث: هجرُ تحكيمِه والتحاكمِ إليه في أصولِ الدينِ وفروعهِ.

الرابع: هجرُ تدبُّرهِ وتفهُّمِه ومعرفةِ ما أرادَ المتكلمُ به منه.

الخامس: هجرُ الاستشفاءِ والتداوي به في جميعِ أمراضِ القلوبِ ودوائها، فيطلبُ شفاءَ دائه من غيره ويهجرُ التداوي به، وكلُّ هذه الأنواع من الهجرِ داخلةٌ


(١) سورة الأنبياء، الآيتين: ١١٥، ١١٦.
(٢) الفوائد (٢٩).

<<  <  ج: ص:  >  >>