للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الفائدةُ العاشرة: ذكرى وتحذير .. كم يُفرِّطُ بعضُ المسلمينَ في الصلاة وهي عمادُ الدِّين، وكم يؤدِّيها أناسٌ على غير هَدي المرسلين فينقرونها نقرَ الغُراب، أو يسهونَ عنها في أوقاتها، والله تعالى توعّدَ وقال: {فَوَيْلٌ لِلْمُصَلِّينَ (٤) الَّذِينَ هُمْ عَنْ صَلَاتِهِمْ سَاهُونَ} (١).

إن المحافظة على الصلاة علامةُ الوارثين للفردوسِ: {وَالَّذِينَ هُمْ عَلَى صَلَوَاتِهِمْ يُحَافِظُونَ (٩) أُولَئِكَ هُمُ الْوَارِثُونَ (١٠) الَّذِينَ يَرِثُونَ الْفِرْدَوْسَ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ} (٢). والويلُ لمن أضاعها وأولئكَ لهم الغيُّ: {فَخَلَفَ مِنْ بَعْدِهِمْ خَلْفٌ أَضَاعُوا الصَّلَاةَ وَاتَّبَعُوا الشَّهَوَاتِ فَسَوْفَ يَلْقَوْنَ غَيًّا} (٣).

كم تشهدُ الفُرشُ على المتأخرينَ عن الصلواتِ المفروضةِ، وكم تئنُّ المساجدُ على المنشغلينَ عن عمارتها بعمارةِ القصورِ والضيعاتِ الدنيوية الفانية.

قرأ عمرُ بن عبد العزيز رحمه الله هذه الآية: {فَخَلَفَ مِنْ بَعْدِهِمْ خَلْفٌ أَضَاعُوا الصَّلَاةَ}. ثم قال: لم تكن إضاعتُهم تركَها، ولكن أضاعوا الوقتَ (٤).

وقال الحسنُ البصري: عطَّلوا المساجدَ ولزموا الضيعاتِ (٥).

إن العزاء يُقدَّم لمن فاتَتْهُ صلاةٌ مفروضة، فكيف بمن فاتته صلواتٌ، وفي صحيح السنة: «الذي تفوتُه صلاةُ العصرِ كأنما وُتِرَ أهلَه ومالَه» (٦). والمعنى: نقص أهلُه ومالُه (٧).

وإذا كان العزاءُ يقدمُ لمن فقدَ شيئًا من ولده .. فكيف بمن نُقِصَ في أهلِه


(١) سورة الماعون، الآيتين: ٥، ٦.
(٢) سورة المؤمنون، الآيات: ٩ - ١١.
(٣) سورة مريم، الآية: ٥٩.
(٤) تفسير ابن كثير للآية.
(٥) المصدر نفسُه.
(٦) رواه الجماعة، خ ٢/ ٢٤، مسلم برقم (٦٢٦).
(٧) جامع الأصول ٥/ ٢٠٤.

<<  <  ج: ص:  >  >>