التاريخ قد يُدهشُ القرّاءَ - يعني في مجتمعِه الأمريكيِّ - ولكنه الرجلُ الوحيدُ في التاريخ كلِّه الذي نجح أعلى نجاحٍ على المستويين الديني والدنيويِّ (١).
عبادَ الله: والسؤالُ الذي يفرضُ نفسَه علينا - معاشرَ المسلمينَ في هذه المرحلة - ما مدى عنايتِنا بسيرة محمدٍ صلى الله عليه وسلم وأصحابه؟ ما نصيبُها من مناهِجِنا الدراسيةِ في المراحل الدراسية المختلفةِ وفي التخصصات الجامعيةِ، والدراساتِ العليا، وللجنسين: الذكورِ والإناثِ؟ ما حجمُ العنايةِ بها في المحاضراتِ العامةِ ودروس المساجدِ؟ وما مدى عنايتِنَا بها في تعليم أبنائنا في البيوتِ عَبْرَ حِلَقٍ أو أشرطةٍ أو كُتيباتٍ يفهمون لغتَها ويُدركون العبرةَ منها؟ هل تُعنى بها المؤسساتُ الإعلاميةُ؟ وتُخرجُ لها محلاتُ التسجيل أشرطةً صحيحةَ المعلومةِ، جيدةَ الإخراج، مشوقةً في العَرْضِ والاستنتاج .. إنها تستحقّ كلَّ عِناية، والحاجةُ إلى وصولِها للبيوتِ تفوق كثيرًا من الحوائجِ والموادِّ المُخرجةِ .. وهل ينبري لهذه المهمةِ مجموعةٌ من أهل الاختصاص في السيرة واللغةِ والأدب والإعلامِ .. حتى تتضافرَ الجهودُ وتتكاملَ التخصصاتُ.
إخوة الإسلام: والعنايةُ بالسيرة النبويةِ تعني العنايةَ بالرجل وتوجيهِ مواهبِه، وتعني العنايةَ بالمرأةِ وعلوِّ هِمّتِها وصَوْنِها وحِفْظِ كرامتِها، وتعني العنايةَ بالطفلِ وحُسْنَ تربيتِه، ذلكم لأن محمدًا صلى الله عليه وسلم في سيرتِه وجَّه عنايتَه لهؤلاء جميعًا، فتخرّجَ من مدرسة النّبوةِ رجالٌ ونساءٌ وأطفالٌ لم يشهدْ لهم تاريخُ البشريةِ نظيرًا.
بل التفتَ محمدٌ صلى الله عليه وسلم إلى الأمراءِ وأَكرم كِرامَ القوم، ولم يُغفلِ الملوكَ والرؤساءَ من دعوتِه، فكاتَبَهُم وراسلَهم، وسارت دعوتُه في القُرى والمدنِ الكبرى، يحملُها الدّعاةُ المخلصون، وتُجهّزُ لها البعوثُ والسرايا.