للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أمةَ الإسلام: والعنايةُ بالسيرةِ النبويةِ تعني - كذلك - تقديرَ القِيَمِ ورعايةَ الأخلاقِ الفاضلةِ، وتحقيقَ العَدْلِ، ومَنْعَ الظّلم، والعنايةَ بالدعوةِ إلى الله، ونشرَ العلمِ النافعِ، ورَفْعَ رايةِ الجهادِ لإعلاءِ كلمةِ اللهِ، وهي سبيلٌ لاجتماعِ المسلمينَ، ناهيةٌ عن الفُرقَةِ والتنازعِ والشّحناءِ والبَغْضاءِ وسواها من رديء السلوكِ والأخلاق.

والسيرةُ - باختصار - هي الصورةُ المُشْرقةُ الواقعيةُ لتعاليم الإسلامِ، وليست مجرّدَ رواياتٍ تُسرَدُ، فهل نقرأُ هذه السيرةَ لِنَسْتلْهمَ هذه المعاني، ونُحقّقَ الأُسوةَ الحسنةَ التي قال الله عنها: {لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِمَنْ كَانَ يَرْجُو اللَّهَ وَالْيَوْمَ الْآخِرَ وَذَكَرَ اللَّهَ كَثِيرًا} (١).

عبادَ الله: وحينَ بلغ الكتابُ أجلَه، واستوفى محمدٌ صلى الله عليه وسلم عُمُرَه المقدّرَ له، وكَمُل دينُ الله، وبلّغه محمدٌ صلى الله عليه وسلم البلاغَ المبينَ، نزل بمحمدٍ صلى الله عليه وسلم ما نزل بالأنبياءِ قبلَه، وانتقل إلى جِوارِ ربِّه في الرّفيقِ الأعلى، حتى وإن حَزِنَ المسلمون وتألَّموا لفِراقِه - وحقّ لهم أنْ يَألموا - وأجهشوا بالبكاءِ، وأظلمتِ المدينةُ في وُجوهِهم يومَ وَفاتِه، كما أشرقتْ في وجوههم يومَ قَدِمَها - في هجرته - مهاجرًا .. لكنّها سُنّةُ الله في خلقِه، تجلَّد المسلمون لها وواصلوا المسيرَ على سُنتِه وهَدْي سيرتِه، وحاربوا مَنِ ارتدوا على أعقابِهم - ممن لم يتمكّنِ الإيمانُ من قلوبهم، وهم يتلون قوله تعالى: {وَمَا مُحَمَّدٌ إِلَّا رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِهِ الرُّسُلُ أَفَإِنْ مَاتَ أَوْ قُتِلَ انْقَلَبْتُمْ عَلَى أَعْقَابِكُمْ وَمَنْ يَنْقَلِبْ عَلَى عَقِبَيْهِ فَلَنْ يَضُرَّ اللَّهَ شَيْئًا وَسَيَجْزِي اللَّهُ الشَّاكِرِينَ} (٢).

وظل هؤلاءِ الأصحابُ الكرامُ أوفياءَ للرّسالةِ التي جاء بها، فحملوها إلى


(١) سورة الأحزاب، الآية: ٢١.
(٢) سورة آل عمران، الآية: ١٤٤.

<<  <  ج: ص:  >  >>