للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

على طاعةِ الله، فهذا عابدٌ، فإذا صبرَ عن معصيةِ الله، وصبرَ على طاعةِ الله: أورثه اللهُ الرضاءَ بقضائه، وعلامةُ الرضاء سكونُ القلبِ بما وردَ على النفسِ من المكروهاتِ والمحبوبات.

وقال بعضُهم: حَدُّ الصبر ألا تعترضَ على التقدير، أما إظهارُ البلوى على غير وجه الشكوى، فلا يُنافي الصبر، فقد قالَ اللهُ عن أيوب عليه السلام: {إِنَّا وَجَدْنَاهُ صَابِرًا نِعْمَ الْعَبْدُ} (١)، مع أنه قال: {مَسَّنِيَ الضُّرُّ} (٢).

الوقفة الثامنة: (البلايا مع الصبرِ مكفراتٌ):

إن من رحمةِ الله بعباده أن يبتليَهُم ليرفعَ درجاتِهم، ويكفرَ عنهم سيئاتِهم .. وكم يتألمُ المرءُ لضُرٍّ نزل به، واللهُ تعالى أرادَ الخيرَ له، وكم يحزنُ الإنسانُ لشيءٍ فاتَه، واللهُ يُريدُ أن يُعوضَه خيرًا منه .. فهل ندركُ السرَّ، وهل نحتمي بالصبرِ مع احتسابِ الأجر؟

أخرج مسلمٌ في «صحيحه» من حديث أبي سعيدٍ الخدري وأبي هريرةَ رضي الله عنهما، أنهما سمعا رسولَ الله صلى الله عليه وسلم يقول: «ما يصيبُ المؤمنَ من وَصَب، ولا نصبٍ، ولا سَقَمٍ، ولا حَزْنٍ، حتى الهمَّ يُهِمُّهُ إلا كُفِّرَ به من سيئاته» (٣).

وفي الحديثِ الآخرِ قال صلى الله عليه وسلم: «ما يزالُ البلاءُ بالمؤمنِ والمؤمنةِ في نفسِه، وولدِه، ومالِه، حتى يَلقى الله وما عليهِ من خطيئة» (٤).

الوقفة التاسعة: (البلايا بين أهلِ الإيمانِ وأصحابِ الفجور):

وهنا وقفةٌ وتنبيهٌ، فقد يُخالجُ النفسَ شيءٌ حين يرى المسلمُ المصائبَ تتابعُ


(١) سورة ص، الآية: ٣٨.
(٢) سورة الأنبياء، الآية: ٨٣. تفسير القرطبي ٢/ ١٧٤.
(٣) مختصر المنذري (١٧٨٩).
(٤) أخرجه الترمذي وحسنه «جامع الأصول ٩/ ٥٨٤».

<<  <  ج: ص:  >  >>