بلاد المسلمين؛ في التعليم، والإعلام، وفي الحياةِ الاجتماعيةِ والاقتصاديةِ، فضلًا عن النواحي السياسيةِ والعسكريةِ .. ومع ما خلّفتْهُ هذه المرحلةُ من آثارٍ سلبيةٍ، إلا أنّ المرحلةَ التي تلتْ هذه هي مرحلةُ اليقظةِ والصّحوةِ للشعوب المسلمةِ، لم يمنعْها رُكامُ الفسادِ .. ولم يُمِتْ شعورَها الإسلاميَّ مخططاتُ الاستعمارِ والتذويب .. نعم كلُّ ذلك لم يمنعْها أن تستجيبَ لنداء الفِطرة، وأن تعود إلى أصالَتِها، وأن ترفعَ شِعارَ الإسلامِ؛ مطالبةً لتطبيق شَرعِ الله والاحتكام إليه في سائرِ شئونها.
أجل لقد أُصيب الغربُ والشرقُ بالإحباطِ على أَثَرِ صحوةِ المسلمين ويقظةِ الشعوبِ المسلمةِ، فبعد عقودٍ من الزمن حافلةٍ بالإفساد على أيديهِم وأيدي أذنابِهم، يتجدّدُ البعثُ الإسلاميُّ هنا وهناك، وكأنّ فِكرَهم وأساليبَهُم ذهبت أدراجَ الرّياح.
عبادَ الله: وسأختار لكم نموذجًا لبلدٍ مسلم عاث المستعمرُ في أرضِه أكثرَ من قرنٍ من الزمان، وأحدَثَ خلال هذه الفترةِ آثارًا سيئةً، لا يزالُ بعضُها شاهدَ حالٍ على مستوى الفردِ والدولةِ، فنظامُ الدولة عِلْماني، واللغةُ الرسمية هي الإنجليزيةُ، هذه الدولةُ تُمثّل أكبرَ دولةٍ في أفريقيا من حيثُ السكانُ، والعطلةُ الأسبوعيةُ يوما السبت والأحد .. إلى غير ذلك من آثار التغريب، وهي بلدُ خيراتٍ - وإن ظل شعبُها في معظمه في عِداد الفُقراء - وهي دولةٌ متذبذبةٌ وضعيفةٌ في اقتصادِها، وإن كانت دولةً نفطيةً كبرى، لكنه الفسادُ الإداريُّ، وضعْفُ الذِّممِ منعَ وُصولَ الحقّ إلى أصحابهِ.
إنها دولةُ (نيجيريا) والتي يزيد عَددُ سكانِها على عشرين ومائة مليون نسمة، يتوزَّعون على ستّ وثلاثين ولاية، ذات حكم فِدرالي، ونسبةُ المسلمين فيها تقرُبُ من سبعين في المائة - إن لم تكن قد زادت مؤخرًا - وثمّةَ وجودٌ نصرانيٌّ