للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لقد دعاك ربُّك فاستجب له: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اسْتَجِيبُوا لِلَّهِ وَلِلرَّسُولِ إِذَا دَعَاكُمْ لِمَا يُحْيِيكُمْ} (١).

واعلم أن من كمالِ عقلكَ ورشدكَ أن تستجيبَ لنداءِ الخير، وأن مواردَ الخشيةِ لم تنضب عندك، وإنْ أعرضتَ فهي علامةُ الشقوةِ، واختر لنفسك ما تشاءُ، وكم يقرعُ سمعك قولهُ تعالى: {سَيَذَّكَّرُ مَنْ يَخْشَى (١٠) وَيَتَجَنَّبُهَا الْأَشْقَى (١١) الَّذِي يَصْلَى النَّارَ الْكُبْرَى} (٢).

نعم أنت في بدايةِ الشهرِ، وغدًا سيُقال: انتصفَ الشهرُ، وعن قريبٍ سيُقالُ: هلّ هلالُ شوال .. فماذا قدَّمتَ وماذا أخرت .. ومسكينٌ أنت إن دخلَ رمضانُ وخرجَ ولم تغفر ذنوبُكَ ويَزدَدْ رصيدك، وتعلُ درجاتِك في الجنان .. اتقِ الله في نفسك، وتعرض لنفحاتِ المولى، ولا تكن الشقيّ بين السعداء، ولا المحرومَ في وسطِ الأغنياء.

يا صائمُ أنفق ينفقُ اللهُ عليك ويخلفْ عليك وهو خيرُ الرازقين، وصِل ما أمر اللهُ به أن يوصل يصلكَ اللهُ ويبارك لك في عمرك.

يا معاشرَ المتسحرين أين أنتم من الاستغفارِ بالأسحارِ وهو سِيما المتقين .. وكم تفوتونَ فرصةَ الدعاءِ وللدعاءِ في وقتِ الأسحارِ شأن، فهناك يتنزلُ الجبارُ ويقول: هل من سائلٍ فأعطيه، هل من مستغفرٍ فأغفرَ له.

أما حين يحينُ الإفطار فكم تضيع من فرصةٍ حين تنشغلُ عن الدعاءِ، والدعاءُ مسموعٌ وللصائمِ دعوةٌ عند فطره لا ترد .. فأين المستحضرونَ لها بين الفرصتينِ الذهبيتينِ في الأسحارِ وعندَ الإفطار .. وأين الملِحونَ في الدعاءِ واللهُ غنيٌّ كريم، أمرَ بالدعاءِ ووعدَ بالعطاء: {وَقَالَ رَبُّكُمُ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ} (٣).


(١) سورة الأنفال، الآية: ٢٤.
(٢) سورة الأعلى، الآيات: ١٠ - ١٢.
(٣) سورة غافر، الآية: ٦٠.

<<  <  ج: ص:  >  >>