للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قال العارفون: «القلبُ لا يصلحُ ولا يُفلحُ ولا يتلذذُ، ولا يُسرُّ، ولا يطيبُ ولا يسكنُ ولا يطمئنّ، إلا بعبادةِ ربِّه وحبِّه والإنابةِ إليه» (١). وقالَ خالقُك وخالقُ العارفينَ: {قَدْ أَفْلَحَ مَنْ زَكَّاهَا (٩) وَقَدْ خَابَ مَنْ دَسَّاهَا} (٢).

بادر في التوبةِ يرعاكَ اللهُ .. فليسَ عيبًا إن زلَّت بك القدمُ فيما مضى إن أنت تداركتَ نفسَك فيما بقي، ولكن الحماقةَ والجهلَ والعنادَ والاستكبارَ أن تسمعَ داعيَ الله يدعوكَ ثم تظل مستكبرًا وكأنه لا يعنيك.

إن من أحكمِ آياتِ الله قوله تعالى: {فَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْرًا يَرَهُ (٧) وَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ شَرًّا يَرَهُ} (٣).

وإياك أن تضعَ في حسابِكَ اليومَ ما تستحي من ذكره غدًا، وإياك أن تظنّ أن أحدًا سيشفعُ لك بحسنةٍ واحدةٍ مهما كانت شدةُ حاجتك إلى الله .. وأقربُ الناس إليك يتخلى عنك بل يفرّ منك: {يَوْمَ يَفِرُّ الْمَرْءُ مِنْ أَخِيهِ (٣٤) وَأُمِّهِ وَأَبِيهِ (٣٥) وَصَاحِبَتِهِ وَبَنِيهِ (٣٦) لِكُلِّ امْرِئٍ مِنْهُمْ يَوْمَئِذٍ شَأْنٌ يُغْنِيهِ} (٤).

يا أخا الإيمان ولئن تقاصرت همتُكَ في كلّ حينٍ فإياك أن تفوّتَ فرصًا تضاعفُ فيها الحسنات، وتعظمُ فيها الأجور، ويغفرُ الله الذنوب .. أجل أفق من رقدتِك .. وقل لنفسك أنتِ في رمضان .. وكفّي يا نفسُ المخادعةُ والتقصيرُ والهوان.

يا عبدَ الله أنت خلقٌ من خلقِ الله ولا يسوغ لك الغفلةُ في أزمانِ اليقظة، ولا يليقُ بك التفريطُ في مواسمِ الكسبِ والتجارة .. وأي تجارةٍ أعظمُ من التجارةِ مع الله؟


(١) ابن تيمية، عن التوبة، محمد الحمد.
(٢) سورة الشمس، الآيتين: ٩، ١٠.
(٣) سورة الزلزلة، الآيتين: ٧، ٨.
(٤) سورة عبس، الآيات: ٣٤ - ٣٧.

<<  <  ج: ص:  >  >>