وفي نهايةِ حديثِ اليوم أقفُ ويقفُ غيري متسائلًا: وماذا ستتمخَّضُ عنه هذه المشاعرُ العربيةُ والإسلاميةُ الغاضبةُ تُجاهَ ما يصنعه اليهودُ اليومَ في أرضِ المقدسات؟
ولئن قيل: إنها ستنتهي عند حدودِ الشجبِ والاستنكارِ، كما حدثَ في مجزرةِ الخليلِ وملحمةِ صبرا وشاتيلا وسواهما من أحداثٍ داميةٍ ارتكبها اليهودُ - وهي مسطورةٌ في تاريخِهم الأسودِ - فهناك من يقولُ: إنها وإن كانت كذلك في المنظورِ القريبِ فهي على المدى البعيد ستشكلُ هذه المآسي أرضيةً تُنبتُ العزةَ والكرامةَ لدى الشعوبِ العربيةِ والمسلمةِ، وستكونُ هذه سلاحًا يُقاتلُ به اليهود، وسينشأُ في هذه المحاضنِ الصعبةِ أطفالٌ يرضعونَ كُرهَ اليهودِ ومن شايَعَهم مع ثَدْي أمهاتِهم، وسيكونونَ رجالَ المستقبلِ يقاتلونَ وهم صادقون، ويصبرونَ حتى ينتصرون.
لكنها مأساةٌ بحقّ مسلمي اليومَ حين يلوذونَ بالصمتِ وهم يرونَ الحقدَ اليهوديَّ يتزايدُ، والدعمَ الغربيَّ لدولةِ الصهاينةِ يتفاقمُ، والهيئاتُ والمنظماتُ الدوليةُ تتفرجُ، بل ربما تتلذذُ بمشاهدةِ المسرحياتِ وهي تُنفَّذُ، وهم خلفَ الستار.
أجل لا يسوغُ لأمّةٍ ولدت أطفالًا يقاومونَ بالحجارةِ أن تظلَّ تتفرجُ على هؤلاءِ الأطفالِ وهم يقضونَ نَحبَهم - كما يتفرجُ غيرُهم - دون أن يَنصروا مظلومًا أو يردعوا ظالمًا، وماذا سيكونُ موقفُ الحكوماتِ الإسلاميةِ التي تورطت بعلاقاتٍ واتفاقاتٍ اقتصاديةٍ أو ثقافيةٍ أو عسكريةٍ أو نحوها مع إسرائيلَ، وهي تفعلُ اليومَ ما تفعلُ بأبناءِ فلسطينَ ومقدساتِ المسلمينَ وإخوانِهم المسلمين؟
إنها مأساةٌ حين تتفرجُ أبناءُ المللِ الأخرى على ما يحصل لأبناءِ المسلمينَ