إن حُمقَ اليهودِ واستفزازَهم أشعلَ فتيلَ العداوةِ ضدَّهم، وذكّرَ المسلمينَ بأهدافِهم ومخططاتِهم، واستيقنَ من لم يستيقن من المسلمينَ بفشلِ عملياتِ السلامِ وضرورةِ الاستعدادِ للمواجهة مع اليهودِ مستقبلًا، وهذه وتلك إيجابياتٌ للأحداث {فَعَسَى أَنْ تَكْرَهُوا شَيْئًا وَيَجْعَلَ اللَّهُ فِيهِ خَيْرًا كَثِيرًا}(١).
١٢ - تحسبُهم جميعًا وقلوبُهم شتى: تلك حقيقةٌ قرآنية تكشفُ عن تنازعِ اليهودِ واختلافِهم - فيما بينهم - وهم كذلك في القديمِ والحديثِ، وينبغي أن يدركَ المسلمونَ هذا الخللَ عند يهودَ، ويستفيدوا منه لصالحِ قضيتِهم، ولئن ظهرَ للناسِ اليومَ أن اليهودَ متفقونَ ومتماسكونَ في فلسطينَ، فليسَ الأمرُ كذلك، بل تشيرُ الدراساتُ إلى عددٍ من المشاكلِ التي تُقلقُ مضاجعَهم، فهم أحزابٌ متناحرون، وصل الأمرُ إلى قتلِ المتطرفِ منهم للمعتدلِ - في نظرهم - وإن كانوا في نظرنا كلُّهم متطرفونَ، والهجرةُ المعاكسةُ، والخروجُ من فلسطينَ لدى بعض اليهودِ بسببِ عدمِ توفرِ الأمنِ لليهودِ يقلقُ الإسرائيليين، كما يُقلقهم عدمُ استجابة السكانِ اليهودِ لدعوة تكثير النسل، لاسيما وإنهم اكتشفوا أنه مقابلَ كلّ شهيدٍ فلسطينيٍّ يولدُ عشراتٌ من الفلسطينيينَ، وهكذا الطبقيةُ المقيتةُ تزعجُ اليهود؛ ولو أنّ المسلمينَ صَدقوا في جهادِهم لاكتشفوا كثيرًا من طباعِهم ومظاهر الضعفِ فيهم.
أيّها المسلمونَ: أكتفي بذكرِ هذه المعالمِ الاثنتي عشرةَ - في هذه الخطبةِ - وثمة معالمُ ووقفاتٌ أخرى في قضيتنا الكبرى أستكمِلُها في خطبةٍ لاحقةٍ بإذن اللهِ ..