للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فإن قلت: وكيف يكون آخر ساعة من يوم الجمعة والرسول صلى الله عليه وسلم يقول: لا يوافقها عبد مسلم وهو قائم يصلي .. ومن المعلوم أن آخر ساعة من الجمعة ليست محل صلاة .. فقد أجاب الرسول صلى الله عليه وسلم على سؤال وجهه له عبد الله بن سلام حين قال: إنها ليست ساعة صلاة، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «بلى إن العبد المؤمن إذا صلى ثم جلس لا يجلسه إلا الصلاة فهو في صلاة» فهل يحتسب المسلمون هذه الساعة يروضوا أنفسهم على الجلوس في المساجد ابتغاء ما عند الله .. وإذا لم يمكنه في كل جمعة فهل يحاول ولو بعض الجمع، وإذا لم يستطع المكوث في المسجد من صلاة العصر فهل يحرص على الأقل على الذهاب إلى المسجد قبل الأذان بوقت يكفيه للدعاء والابتهال إلى الله .. إلى ذلك خير من الدرهم والدينار .. بل لعله من أنفع طرق جمع الدرهم والدينار، وما عند الله خير وأبقى .. وفي ذلك فليتنافس المتنافسون.

أيها المسلمون، الصدقة في يوم الجمعة لها مزية على الصدقة في سائر الأيام، قال العلماء: والصدقة فيه بالنسبة إلى سائر أيام الأسبوع كالصدقة في شهر رمضان بالنسبة إلى سائر الشهور، وقال ابن القيم رحمه الله: وشاهدت شيخ الإسلام ابن تيمية- عليه رحمة الله- إذا خرج إلى الجمعة يأخذ ما وجد في البيت من خبز أو غيره فيتصدق به في طريقه سرًا وسمعته يقول: إذا كان الله قد أمرنا بالصدقة بين يدي مناجاة رسول الله صلى الله عليه وسلم فالصدقة بين يدي مناجاته تعالى أفضل وأولى بالفضيلة (١).

اللهم علمنا ما ينفعنا وأنفعنا بما علمتنا .. ووفقنا لطاعتك وجنبنا معصيتك يا حي يا قيوم .. أقول هذا القول وأستغفر الله.


(١) زاد المعاد ١/ ٤٠٧.

<<  <  ج: ص:  >  >>