أيها المسلمونَ: وثمةَ سُنةٌ نبويةٌ كادت أن تُهجرَ عند نفرٍ من المسلمين، وعلى الرغمِ من توفرِ إمكاناتِ الناسِ لها، وعدمِ وجودِ موانعَ تحولُ بينها - إنها سُنةُ الاعتكافِ في المساجد، وما فيها من انقطاعٍ عن الخلقِ واتصالٍ بالخالق - في هذه العشرِ الأواخرِ أو بعضِها.
أجل؛ لقد زهد بهذه السنةِ طائفةٌ من الأخيارِ الذين يحرصون على سننٍ أخرى .. وغيرُهم في الزهدِ بها من بابِ أولى، ويرحمُ اللهُ الإمامَ الزهريَّ وهو القائل: عجبًا للمسلمين، تركوا الاعتكافَ مع أن النبيَّ صلى الله عليه وسلم ما تركَه منذُ قِدَمَ المدينةَ حتى قبضَه اللهُ.
وإنك لتعجبُ حين تسمعُ عن اعتكافِ المئين في المسجدِ الواحدِ في مناطقَ في العالم الإسلامي، قد لا يجدُ المعتكفُ منهم ما يسدُّ حاجتَه، وترى في المقابلِ زُهدًا بهذه السنة في أقطارٍ أخرى، يملكُ الناسُ فيها القناطيرَ من الذهبِ والفضةِ .. ومع ذلك فقد يجدُ صعوبةً في تفريغِ نفسهِ والانقطاع عن تجارِته ولو لبضعةِ أيام.
إن أحدنا لا يجدُ صعوبةً في تركِ أهلِه أسبوعًا أو عشرةَ أيام أو نحوها في سبيل الذهاب إلى رحلةٍ برية، أو سفرٍ للنزهة خارجَ المملكةِ، لكنه قد يجد