للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

على يد الشيخِ الإمامِ المجدِّد محمدِ بن عبدِ الوهابِ يرحمه الله، وبمؤازرةٍ كريمةٍ من الإمام محمدِ بن سعودٍ يرحمُه اللهُ، وحينها التقى العلماءُ والحكامُ على نصرةِ هذا الدين، والقضاءِ على مظاهرِ الشركِ والفسادِ، فقامَ سلطانُ الدينِ ظاهرًا قويًّا، أمنَ الناسُ على أموالهِم، وأهليهم وعبدوا ربَّهم على علم وبصيرةٍ.

ولكنَّ الشانئينَ والحاسدين لم تطبْ نفوسُهم بهذا، وأجلبَ الشيطانُ بخيلِه ورَجِلِه على جندِه وأتباعِه، وعادِت الجزيرةُ - بعد حين من الدهرِ - مرة أخرى مسرحًا للسلبِ والنهب .. يعلو سلطانُ الحقِّ تارةً .. وترتفع أعلامُ الجاهليةِ تارةً أخرى، تُسفكُ الدماءُ، وتُستحلُّ المحارمُ، ولا يأمنُ المرءُ على نفسِه ومَن حولَه.

وفي ظل هذه الأجواء القلقة ينامُ المرءُ حين ينام وشبحُ اللصوصِ يمرُّ على خياله، ويستيقظُ حين يستيقظُ فرحًا مسرورًا إذ لم يكن شيء من عوَّادِ الدهرِ وفاجعاتِ الأحداثِ أصابَه.

يكسَبُ كلَّ يومٍ مرَّ وهو آمنٌ في سِرْبه، ولم يُخدش فيه حياؤه، أو تُسلبْ أموالُه، أو تُنهَ حياتُه، وما أطولَ ليلَ الخائفين! وما أشدَّ فرحَ غير الآمنين بضوءِ النهار يكشفُ لهم الحقيقة، ويخيفُ الغادرين، تُرى في هذه الأجواءِ أيطمئنُّ المسلمُ في عبادته لربِّه؟ وفي ظل هذه الظروف أتستقرُّ الحياةُ وينعمُ الأحياءُ؟ وأنّى للدعوة والخير أن تنتشرَ، وحِلَقُ العلم معطلةٌ، والعلماءُ كغيرهم لا يأمنونَ على أنفسِهم فضلًا أن يوفِّروا الأمنَ لمن يَحمل العلمَ عنهم.

إنها صورٌ ينبغي أن نتذكَّرَها، وإن لم يعش بعضُنا أحداثَها .. وإن كان يفصلُ بيننا وبينها عقودٌ من الزمن.

إخوةَ الإسلام: إن اغتباطَنا بما نحن فيه الآنَ من نعمةِ الأمنِ لا ينبغي أن ينسينا الماضي، بل إن من التحدُّث بنعمةِ الله أن نقارنَ بين الماضي والحاضر،

<<  <  ج: ص:  >  >>