للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

نوعًا من المحرَّماتِ، وقال: إن عليها مدارَ كلِّ ما حرَّم اللهُ، وإليها انتهاءُ العالمِ بأسرهم إلا أتباعَ الرُّسل، وهذه الاثنا عشر قد يكون في الرجلِ أكثرُها وأقلُّها، أو واحدةٌ منها، وقد يعلمُ ذلك وقد لا يعلمُ، والتوبةُ النصوحُ إنما تكون بالتخلُّص منها والتحصين من مواقَعتِها .. ثم قال: ولا يستحقُّ العبدُ اسمَ (التائبِ) حتى يتخلّصَ منها، وهي: أجناسُ المحرّماتِ في كتاب الله .. وتلك هي الكفرُ، والشِّركُ، والنفاقُ، والفسوقُ، والعصيانُ، والإثمُ والعدوانُ، والفحشاءُ، والمنكرُ، والبغيُ، والقولُ على الله بغيرِ علمٍ، وإتباعُ غيرِ سبيلِ المؤمنين (١).

أيها المسلمون: إن التوبةَ كما قيل: وظيفةُ العمرِ، وبدايةُ العبدِ ونهايتُه، وأولُ منازلِ العبوديةِ، وأوسطُها وآخِرُها، لا يستغني عنها مسلمٌ، بل ينبغي أن تتجدَّد في حياته، وكلَّما أحدثَ معصيةً وذنبًا، أحدَثَ على إثرها توبةً وندَمًا واستغفارًا وما منّا إلا مفرّطٌ في واجبٍ، أو متساهلٌ في الكفّ عن محرّمٍ، وكلُّ ذلك محتاجٌ إلى توبةٍ. وما أحرانا معاشرَ المسلمين بالتوبةِ في شهرِ التوبةِ، وفي زمنٍ تُصفَّد فيه الشياطينُ، وتُفتحُ أبوابُ الجِنان.

إن مراجعةَ النفسِ مطلبٌ على الدوام، ولكنها تتأكدُ في مثل شهرِ الصيام - فهل نراجعُ أنفسَنا ونتوبُ إلى خالقِنا؟ ونستجيبُ لنداء خالقِنا {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا تُوبُوا إِلَى اللَّهِ تَوْبَةً نَصُوحًا} (٢).


(١) مدارج السالكين ١/ ٣٤٤.
(٢) سورة التحريم، الآية: ٨.

<<  <  ج: ص:  >  >>