للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

المسلم والكافرِ؟ ما هي آثارُ العدلِ؟ وماذا من نماذجِ العدلِ تضيءُ لنا الطريقَ؟

أيها المسلمونَ: بالعدل قامت السماواتُ والأرضُ، وبالعدلِ أمرَ اللهُ: {إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ} (١). وأوصى: {وَإِذَا قُلْتُمْ فَاعْدِلُوا وَلَوْ كَانَ ذَا قُرْبَى} (٢). وبالعدل ألزم ربُّنا في التحاكم والحكم: {وَإِذَا حَكَمْتُمْ بَيْنَ النَّاسِ أَنْ تَحْكُمُوا بِالْعَدْلِ} (٣).

أجل إن العدلَ سمةٌ مميزةٌ لشريعتِنا عاشَ في كنفِها البرُّ والفاجرُ، والمسلمُ والكافرُ - كلُّ هؤلاء بالعدلِ يُحكمونَ ولا يُظلمون، حتى وإن أبغضَنا الكافرَ فنحن مأمورونَ بالعدل معه، ذلك توجيه ربِّنا في كتابه العزيز: {وَلَا يَجْرِمَنَّكُمْ شَنَآنُ قَوْمٍ عَلَى أَلَّا تَعْدِلُوا اعْدِلُوا هُوَ أَقْرَبُ لِلتَّقْوَى} (٤).

قال ابنُ تيميةَ رحمَه اللهُ: وهذه الآيةُ نزلت بسببِ بُغضهم للكفارِ، وهو بُغضٌ مأمورٌ به، فإذا كان البغضُ الذي أمرَ اللهُ به قد نُهيَ صاحبُه أن يَظلمَ من أبغضَه، فكيف في بُغض مسلمٍ بتأويلٍ وشبهةٍ أوبهوى نفس؟ فهو أحقُّ أن لا يُظلم، بل يُعدل عليه (٥).

إخوةَ الإسلام: ونحنُ مأمورونَ بالعدل مع ربِّنا، ومع أنفسِنا ومع الناس ممن حولَنا، فكيف نحققُ هذه المقاماتِ الثلاث من العدلِ؟ قال العلماءُ: أما العدلُ بين العبد وربِّه فبامتثال أوامِره، واجتنابِ نواهِيه، وبين العبدِ وبين نفسِه فبمزيدِ الطاعاتِ وتوقِّي الشُّبهاتِ والشَّهواتِ، وبين العبد وبين غيره بالإنصاف (٦).


(١) سورة النحل، الآية: ٩٠.
(٢) سورة الأنعام، الآية: ١٥٢.
(٣) سورة النساء، الآية: ٥٨.
(٤) سورة المائدة، الآية: ٣.
(٥) منهاج السنة ٥/ ١٢٧.
(٦) أبو بكر ابن العربي، نقله ابن حجر في الفتح ١٠/ ٥٨٩.

<<  <  ج: ص:  >  >>