للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

المعتدون الفاقدون للعدلِ والإنصاف .. وإن كانت الخسارةُ تَعمُّ والفتنةُ تقعُ على المسلمين! وأين نحنُ من هذا الموقفِ البديع والعدلِ حتى مع غير المسلمين .. يقدمه لنا شيخُ الإسلامِ ابنُ تيميةَ بسلوكه العمليِّ، فهو حين سعى بإطلاق سراحِ أسرى المسلمين من التتارِ أصرَّ كذلك على إطلاق سراحِ المأسورينَ من أهلِ الذمةِ قائلًا لمسئول التتر: «بل جميع من معك من اليهودِ والنصارى الذين هم أهلُ ذمّتِنا، فإنّا نفكُّهم ولا ندعُ أسيرًا لا من أهلِ الملَّةِ ولا من أهلِ الذمة» (١).

فإذا أنصفَ هذا العالمُ الربانيُّ وعدَلَ مع غير المسلمينَ، وكان سببًا لفكّ أسرِهم، فماذا يقولُ من يسعى للوقيعةِ بإخوانِه المسلمين ويتمنّى الضُّرَّ لهم بشكلٍ أو بآخر؟ !

إن للعدلِ - يا عبادَ اللهِ - آثارًا إيجابيةً على الفردِ والمجتمعِ والأمة، وفي الدنيا والآخرة يَشهدُها القائمونَ بالعدل، وتُنبئُ عنها تجاربُ الأفراد والأمم، وقد قال العالِمون: «إن الله يقيمُ الدولةَ العادلةَ وإن كانت كافرةً، ولا يقيمُ الظالمةَ وإن كانت مسلمةً» (٢).

عبادَ الله: ويبقى السؤالُ الأخيرُ: ما السبيل للعدل؟ وكيف نسلك بأنفسِنا للعدل؟

إن تأمُّلَ آياتِ الكتابِ العزيزِ في العدلِ كفيلةٌ بأن تربّى النفوسَ على العدل، وكذا ما في هدي محمدٍ صلى الله عليه وسلم من نماذج العدلِ كلُّها نصوصٌ تأخذُ بالنفوسِ نحوَ العدل، ومساكينُ من يقرءون القرآنَ ثم هم يظنون أن المخاطَبَ غيرُهم، ومما يُسهمُ في العدلِ أن يتذكرَ المسلمُ أن العدلَ سببٌ للسعادةِ في الدنيا والآخرة،


(١) حياة شيخ الإسلام، محمد بهجت البيطار ص ١٥، عن الرسالة القبرصية، فقه الائتلاف/ ٤٧.
(٢) ابن تيمية الفتاوى ٢٨/ ١٤٦.

<<  <  ج: ص:  >  >>