وأن الظلمَ ظلماتٌ في الدنيا والآخرة، وأن الظالمَ قد تُعجَّلُ له العقوبةُ في الدنيا، وقد ينتصرُ المظلومُ عليه وهم أحياء.
ألا يظن المفرطونَ في العدلِ أنهم مبعوثونَ ليومٍ عظيم؟
ألا يخشى الظالمونَ المعتدونَ يومًا عبوسًا قمطريرًا؟ أم تراهم ينسونَ ويذرونَ وراءهم يومًا ثقيلًا؟
إن من دواعي العدل أن يشعرَ المرءُ أنه يحبُّ من الناسِ أن يأتوا إليه ما أحبّ، أفلا يأتي إليهم بالذي يحبون؟ ! ألسنا جميعًا نكرهُ من يعتدي على أموالنا أو أعراضِنا .. أو يخدشُ في كرامِتنا .. أو يشكِّكُ في مصداقيتنا ظاهرًا وتُوكَل سرائرنا إلى اللهِ .. فلماذا نكره ذلك لأنفسنا ولا نكرهه للآخرين؟
أيها الناسُ: ورياضةُ النفس وتدريبُها على العدلِ ممكنةٌ، وما زال العقلاءُ بأنفسِهم حتى ألجموها بلجامِ العدلِ، وروّضوها على المعالي، وأدَّبوها مرةً إثرَ مرةٍ، حتى غدا العدلُ سجيّةً لها، {وَالَّذِينَ جَاهَدُوا فِينَا لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنَا}(١) وكُلنا يعلمُ أن أحدَ السبعةِ الذين يُظلهمُ اللهُ في ظلِّه يَومَ لا ظلَّ إلا ظلُّه إمامٌ عادلٌ.
وهكذا إخوةَ الإسلام نروِّضُ أنفسَنا على العدلِ ونحنُ نرجو ثوابَ اللهِ ونخشى عقابَه .. وما أسعدَ من يسهمونَ في ملءِ الأرض عدلًا .. وما أنكدَ حياةَ من يسعونَ لملئها جورًا.
اللهم ارزقنا العدلَ في أقوالِنا وأفعالِنا مع من أحببنا ومع من لم نُحب.