للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

٤ - بل ولا يتسرعونَ في التكفيرِ، وإن خطّأوا أو بَدَّعوا أو فَسّقوا.

٥ - وفي مسائلِ الاجتهاد يرونَ أنه لا تأثيمَ ولا هُجران.

٦ - وإذا لزمَ الهجرُ، فإنما هو للتأديبِ لا للإتلافِ، وللشفاءِ لا للقتل.

٧ - وهو يرون الأخذَ بالظاهر، واللهُ يتولى السرائرَ، ويرون إجراءَ الأحكام على ظاهرِ الناس لا على القناعاتِ القلبية، وفي هذا يقول الشاطبيُّ رحمه الله: «فإنَّ سيدَ البشر صلى الله عليه وسلم مع إعلامِه بالوحي يُجري الأمورَ على ظواهِرها في المنافقين وغيرِهم، وإن علِمَ بواطنَ أحوالهم» (١).

أيها المؤمنونَ: ومما يعينُ على الإنصافِ ويحققُ الائتلافَ، ألا تكون الموالاةُ والمعاداةُ خاضعةً للانتماءِ والحزبيةِ الضيِّقة، والطائفةِ والقرابةِ والهوى، بل تكون المولاةُ للحقّ ومع أهلِ الحقِّ .. والمعاداةُ للباطل وأهلِ الباطل .. مهما كان قربُهم وبعدُهم وانتماؤهم، وهنا يُنبِّه ابنُ تيميةَ على صنفٍ يغضبونَ أو يَرضون لا بقصد أن تكونَ كلمةُ الله العليا، وأن يكونَ الدينُ كلُّه لله، بل يغضبون على كلِّ من خالفهم، وإن كان مجتهدًا معذورًا - لا يغضبُ الله عليه - ويرضونَ عمن كان يوافقهم، وإن كان جاهلًا سيِّئَ القصد، فيُفضي هذا إلى أن يَحمدوا من لم يَحمدْه اللهُ ورسولُه، ويَذموا من لم يَذمَّه اللهُ ورسُولُه وتصير موالاتُهم ومعاداتُهم على أهواءِ أنفسِهم، لا على دين الله ورسولِه صلى الله عليه وسلم (٢).

إن من أخطائنا - أننا نسرفُ في الثناءِ على من أحببنا - أو نُسرفُ في الذمّ، بل الهجوم أحيانًا على من أبغضْنَا وخالفْنَا، وقد يكون لهذا الذي أحببنا أخطاءُ ونغُضُّ الطرفَ عنها، وقد يكون لهذا الذي أبغضنا حسناتٌ وإيجابياتٌ غَمطناه


(١) الموافقات ٢/ ٢٧١، عن «فقه الائتلاف» (١٩٩).
(٢) منهاج السنة ٣/ ٦٤.

<<  <  ج: ص:  >  >>