للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

المصطنعةُ، وتخالِفُ بين شعوبها القومياتُ والنعراتُ الوافدةُ، وأصبح كلُّ حزبٍ بما لديهم فَرِحون.

وفي ظلِّ هذه الأجواءِ كان الاستعمارُ يحكمُ عددًا من بلاد المسلمين، ولا تسأل عما خلّفه من فسادٍ في القيمِ والأخلاقِ، والتصوراتِ والمعتقداتِ، وسياساتِ الإعلام والتعليم والاقتصادِ، وحين كان الساسةُ الغربيون يُفسدون النُّظُمَ ويُشرّعون القوانينَ، كان إلى جانبهم رجالُ الدّينُ يُنصِّرون ويَنصبون الخيامَ للدعوة لتعاليم المسيح - كما يزعمون.

وفوق ذلك كلِّه، فقد كانَ للنصارى دورٌ واضحٌ في زرعِ اليهودِ في أحضانِ العالمِ الإسلامي، ومنذُ وعدِ (بلفور) إلى يومنا هذا، وحواضرُ النصارى تدعمُ الوجودَ اليهوديَّ؛ لتكون قوةً مساندةً لهم في حربِ المسلمين، وقد كان.

إنها سلسلةٌ من المكائد والحروبِ يَشهدُ بها التاريخُ على حقد النصارى وتعصُّبهم ضدَّ المسلمين، وكفى باللهِ شهيدًا، وبالقرآن حكمًا والله يقول: {وَلَنْ تَرْضَى عَنْكَ الْيَهُودُ وَلَا النَّصَارَى حَتَّى تَتَّبِعَ مِلَّتَهُمْ} (١)، لا يستثنى من ذلك إلا من آمنَ منهم ولم يستكبر عن قَبول الحقِّ، أولئك الذين عناهم اللهُ بقوله: {الَّذِينَ آتَيْنَاهُمُ الْكِتَابَ مِنْ قَبْلِهِ هُمْ بِهِ يُؤْمِنُونَ (٥٢) وَإِذَا يُتْلَى عَلَيْهِمْ قَالُوا آمَنَّا بِهِ إِنَّهُ الْحَقُّ مِنْ رَبِّنَا إِنَّا كُنَّا مِنْ قَبْلِهِ مُسْلِمِينَ} (٢). وأشار إليهم بقوله: {وَلَتَجِدَنَّ أَقْرَبَهُمْ مَوَدَّةً لِلَّذِينَ آمَنُوا الَّذِينَ قَالُوا إِنَّا نَصَارَى ذَلِكَ بِأَنَّ مِنْهُمْ قِسِّيسِينَ وَرُهْبَانًا وَأَنَّهُمْ لَا يَسْتَكْبِرُونَ (٨٢) وَإِذَا سَمِعُوا مَا أُنْزِلَ إِلَى الرَّسُولِ تَرَى أَعْيُنَهُمْ تَفِيضُ مِنَ الدَّمْعِ مِمَّا عَرَفُوا مِنَ الْحَقِّ يَقُولُونَ رَبَّنَا آمَنَّا


(١) سورة البقرة، الآية: ١٢٠.
(٢) سورة القصص، الآيتين: ٥٢، ٥٣.

<<  <  ج: ص:  >  >>