فذاك دأْبُ أصحابِ كتب الرِّحلات، لكني سأحدِّثُكم عن شيءٍ من واقعِ المسلمين هناك، والصعوباتِ التي تواجهُهم، والحلولِ وأنواعِ الدعمِ التي يمكن أن تُقدَّمَ لهم.
إخوةَ الإيمان: في أَلبانيا للإسلام جذورٌ وللمسلمين تاريخٌ، ولكنّ البلادَ حين حُكِمت بالشيوعية مؤخَّرًا مع العقودِ الأخيرة الخمسةِ من القرنِ الميلاديِّ المنصرمِ، عادت إليها غُرْبةُ الإسلام، وكانت خمسون عامًا حتى سنة ١٩٩٠ م كفيلةً بمَسْخِ صورةِ الإسلامِ ومحاصرةِ المسلمين والتضييقِ عليهم، حتى هُدمَت المساجدُ العامرةُ بالمصلِّين، وما بقي فيها -وهو نَزْرٌ يسيرٌ- كان يُستخدَم لِلَّهو واللعبِ ولدورِ السينما، بل ربما هُدِمَ المسجدُ وأُقيمَ مكانه دوراتٌ للمياهِ لمزيدِ النكاية بالمسلمين وأماكنِ عبادتِهم؟
والقويُّ من المسلمين -وهم قِلَّة كذلك- مَن باتَ يُصلِّي سرًّا، ويصومُ رمضانَ خُفْية- حتى إن المصابيح لتُطفَأُ، والنوافذَ تُغلَق ويوضعُ عليها ما يسترُ الأنظارَ حين يقومُ المسلمون في الأسحارِ لتناولِ طعام السحور.
ووصَلَ سوءُ الحالِ والتضييقُ على المسلمينَ إلى السجن .. ليس لمن يقول: ربِّيَ الله، فقط، بل ولمن يقول: هناك ربٌّ؟ ! إذ يُروِّج الشيوعيون لفكرةِ الإلحاد القائلة: لا إلهَ والكونُ مادَّة .. تعالى اللهُ عما يقولُ الظالمون علوًّا كبيرًا.
وفي ظلِّ هذه الأجواءِ الصعبةِ والقبضةِ الحديديّة الشيوعيةِ نشأ جيلٌ من أبناءِ المسلمين لا يعرفُ من الإسلام إلا اسمَه، ولا من القرآنِ إلا رسمَه، وما يسمعُه من أبويهِ -إن قُدِّر له أن يسمعَ شيئًا من ذلك- إذْ بلغ الحالُ ببعضِ الآباء أن يمنعَ أولادَه من تعلُّمِ شيءٍ من القرآن حتى لا يتعرَّضَ الابنُ أو تتعرضَ الأسرةُ كلُّها لعقوبةِ الشيوعيين، والجريمةُ تعلُّمُ القرآن؟ !