عبادَ الله: هذه الصورةُ المظلِمة، وهذا الكبتُ الرهيبُ، والتضييقُ على الناس في كل شيء، حتى غدا الناسُ كلُّهم وكأنهم في سجنٍ داخلَ ألبانيا -كما يقول الألبان- هذه الحالةُ ما كان لها أن تستمرَّ، فقد ضَجِرَ الناسُ وضاقوا ذَرْعًا بالشيوعيةِ والشيوعيين، وكان في سقوطِ الشيوعية في الاتحاد السوفيتي- ثم ما تلاها من دولٍ أُخرى كانت تابعةً لها- متنفسٌ لهؤلاء الألبان، إذْ قاموا عامَ تسعين وتسعمائة وألف بثورةٍ شعبيةٍ عارمةٍ ضدَّ الشيوعية والشيوعيين وسرَتْ هذه الحركةُ الشعبية في طولِ البلادِ وعرضِها حتى سقطت الشيوعيةُ في ألبانيا وعاد الحكمُ ديمقراطيًا -كما يقولون- من عام ثنتين وتسعين وتسعمائة وألف، وهنا تنفَّس الألبانُ الصُّعَداءَ، وعادُوا للحياةِ من جديد .. وكأنهم من قبلُ كانوا في عِدادِ الموتى، وعاد المسلمون يمارِسون عبادتَهم التي طالما مُنِعوا من أدائِها .. إلَّا من ضَعُفَ أو انسلخَ من تكاليفِ الإسلام فأولئك ظلُّوا في غيِّهم يعمهون، وفي حَيْرتِهم يتردَّدون، ولذا فلا غرابةَ أن تسمعَ الرجلَ أو المرأةَ يعتَّزانِ بالانتماء إلى الإسلامِ، فإذا سألتَ عن الصلاةِ أو الصيامِ أو نحوِها من واجباتِ الإسلام لم تجدْ لها وجودًا عند هؤلاء؟
أيها المسلمون: وبرغم هذه الغُرْبة عن الإسلام، ووجودِ مسلمينَ بلا إسلامٍ حقيقي -هناك فَثمَّةَ صورةٌ مُشرِقة تقابلُ هذه الصورةَ، إذ يوجدُ نفرٌ من المسلمين والمسلماتِ يلتزمونَ بالإسلامِ عقيدةً وسلوكًا، انتماءً وواقعًا، أولئك يَعمُرونَ المساجدَ بالطاعة، ويذكُرون الله ويشكرونَه على تغيُّرِ الحال، أولئك حريصون على الخيرِ، وقائمون بما يستطيعون من تكاليفِ الإسلامِ وواجباتِه -بل وسُنَنِه- ما استطاعوا إلى ذلك سبيلًا، والجميلُ في هذه الصحوةِ أن عمادَها الشبابُ، وهؤلاء الشبابُ حريصون على الخيرِ وعلى دعوةِ قومِهم وأهلِيهم، ولديهم من الهِمَّة والحيويَّة والجِدّيَّة ما يجعلُهم بإذنِ الله أملًا يُرجَى نفعُه في ألبانيا -بل