للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

حين دخل مصر دخلها في ستة وسبعين نفسًا من ولده وولد ولده، فأنمى الله عددهم وبارك في ذريتهم (١) وكانوا بنو إسرائيل حين خرجوا قد استعاروا وكان من القبط حليًا كثيرًا (ومتاعًا وأحل الله ذلك لبني إسرائيل) (٢) فخرجوا به معهم، فاشتد حنق فرعون عليهم، فأرسل في المدائن حاشرين، يجمعون له جنوده من أقاليمه، فركب وراءهم في أبهة عظيمة وجيوش هائلة لما يريده الله تعالى بهم، ولم يتخلف عنه أحد ممن له دولة وسلطان في سائر مملكته فلحقوهم وقت شروق الشمس (وذكر الطبري أن فرعون أعلم أن موسى سرى ببني إسرائيل من أول الليل فقال: لا يتبعهم أحد حتى تصيح الديكة، فلم يصح تلك الليلة بمصر ديك، وأمات الله تلك الليلة كثيرًا من أبناء القبط فاشتغلوا في الدفن وخرجوا في الاتباع مشرقين (٣) {فلما تراءا الجمعان قال أصحاب موسى إنا لمدركون} وذلك إنهم لما انتهوا إلى ساحل البحر وأدركهم فرعون لم يبق إلا أن يتقاتل الجمعان، وألح أصحاب موسى عليه السلام عليه بالسؤال كيف المخلص مما نحن فيه؟ فيقول: إني أمرت أن أسلك {ها هنا كلا إن معي ربي سيهدين} فعندما ضاق الأمر اتسع، فأمره الله أن يضرب البحر بعصاه، فضربه فانفلق {فكان كل فرق كالطود العظيم} أي كالجبل العظيم، وصار اثني عشر طريقًا لكل سبط واحد، وأمر الله الريح فنشفت أرضه {فاضرب لهم طريقة في البحر يبسًا لا تخاف دركًا ولا تخشى} وتخرق الماء بين الطرق كهيئة الشبابيك ليرى كل قوم ألاخرين حتى لا يظنوا أنهم هلكوا، وجاوز بنوا إسرائيل البحر، فلما خرج آخرهم منه انتهى فرعون وجنده إلى حافته من الناحية الأخرى (وعدتهم فيما قيل ألف ألف ومئتا ألف) (٤)


(١) تفسير القرطبي ١/ ٣٨٩.
(٢) القرطبي ١/ ٣٨٩.
(٣) القرطبي ١/ ٣٨٩.
(٤) تفسير القرطبي ١/ ٣٨٩ ..

<<  <  ج: ص:  >  >>