أخبارُهم وأحوالُهم غائبةً عن المسلمين فترةً من الزمن، حتى إذا دقَّ النصارى طبولَ الحرب وأرادوا تصفيةَ الوجودِ الإسلاميِّ في البوسنة والهرسك، تحرَّكتْ عواطفُ المسلمين في المشرقِ والمغربِ، وعَرَفَ من لم يعرِفْ من قبلُ أن في البوسنة والهرسك رجالًا ونساءً وأطفالًا يقولون: ربُّنا الله.
عبادَ الله: إلى أرضِ البوسنة والهرسك أنقلُكم -ولو ذِهْنيًا- وعن أحوالِ المسلمين البوسنيين أحدِّثُكم -ولو قليلًا- ومن لم يهتمَّ بأمرِ المسلمين فليس منهم.
ولستُ أدري أمِنْ روائعِ الجهاد وبطولاتِ المقاتلين أَطُوف بكم .. وهناك لو استُنطِقَ الحجرُ لشهدَ على ملاحمِ البطولةِ وكرامةِ الشهداء، وتكادُ الأوديةُ الجاريةُ بالأنهار .. أن تختلطَ بها دماءُ القتلى والجرحى.
يمكنُك في أرضِ البوسنة والهرسك أن تقرأ الحربَ وآثارَها في المُعاقِين والمرضى، وفي كثرةِ القبور الجماعية على جَنَباتِ الطُّرُق، وفي آثار التدميرِ في المنشآتِ والمباني التي لم تُرمَّمْ بعدُ.
أم أتحدَّثُ عن وحشيةِ النصارى وما فعلوه بالمسلمين سواءً من داخلِ أرض البوسنة أم من خارجِها، ولا سيَّما الدولِ الكبرى، أم أتحدَّثُ إليكم عن مكاسبِ المسلمين وخسائرِهم في هذه الحربِ الأخيرة وما هو الدَّورُ المطلوبُ من المسلمين تجاهَ إخوانهم، بعد معرفةِ خُطَطِ النصارى ووجودِهم في البوسنة والهرسك.
أيها المسلمون: وبدأتْ أكثريَّةُ المسلمين تعرفُ عن الإسلام والمسلمين في البوسنةِ والهرسك بعد الحربِ التي استمرَّتْ أكثرَ من ثلاثِ سنوات من عام ١٩٩٢ م إلى ١٩٩٥ م .. وكان لوحشيةِ النصارى الصِّربِ بالذاتِ في هذه الحربِ