للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

النصرانيةَ الكبرى، فبدأ التدخلُ سافرًا، بل بدأ الضغطُ على حكومةِ البوسنة بقُوَّة لإيقافِ الحربِ وإبرامِ وثيقةِ صلحٍ، وما كان للمجاهدينَ رغبةٌ في إيقافِ الحربِ .. ولكن أمامَ ضغطِ الحكومة والتي بدورِها واجهتْ ضغوطًا من الغربِ وفي مقدمتِه أمريكا، امتثلوا للأمرِ الواقع، وفوَّتوا على الغربِ خُطةً خبيثةً ماكرةً بإشعالِ الفتنةِ بين المسلمين حين يوافق بعضُهم على إيقافِ الحرب ويرفضُ آخرون إيقافَها.

وبعدَ إيقافِ الحرب أشرفَ الغربُ كلُّه وفي طليعتِه أمريكا على اتفاقيةِ (دايتن) في فرنسا، والتي جاءتْ بنودُها وشروطُها مُجحِفةً بحقِّ المسلمين ومائلةً كلَّ الميلِ مع النصارى .. وهل يُتوقَّعُ من الأعداءِ غيرُ هذا؟ ومهما تبجَّحَ الغربُ برعايةِ السلام والعدلِ فذاك النفاقُ الذي سوَّد وجوهَ القوم .. ولكنهم حين يُجحِفون بحقِّ شعوبٍ أوروبية لكنها مسلمةٌ .. فذاك الذي يؤكِّد تزعُّمَهم لحربِ العقائد ويبعثُ في النفوس حميَّةَ الولاءِ للعقيدة لا للعِرقِ والجنسية!

أجلْ لقد جاءتِ اتفاقيةُ (دايتن) لتضمنَ دولةً للصِّرب في البوسنة، أما المسلمون فبلا دولةٍ، بل يُحكَمون هم والكروات حكمًا فِدْراليًا، ويتولَّى الحكمَ بالتناوب مندوبٌ من الغرب.

ليس ذلك فحسبُ، بل هذه الاتفاقيةُ الظالمة استهدفتْ ضربَ المؤسسةِ العسكريةِ للجيش البُوسني، وبدلَ أن يكون في الجيشِ مائتا ألفِ جنديٍّ مسلم متحمِّسٍ للقضاءِ على آخر صِربيٍّ في البلاد، قلَّصتْ الاتفاقيةُ هذا العددَ إلى ثلاثين ألفَ جنديٍّ فقط .. وهؤلاء كذلك منزوعو السلاحِ؟ !

واستهدفت الاتفاقيةُ الظالمةُ - فيما استهدفتْ - كتائبَ المجاهدين والذين أسمَتْهم الاتفاقيةُ (بالمقاتلين الأجانب) واشترطتْ حلَّ الكتيبة - وإن كان معظم أفرادها من الشبابِ البوسنيِّ، فالمجاهدون مهما كان نوعُهم وعددُهم يُرهِبون

<<  <  ج: ص:  >  >>