للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وكم نُجهِدُ أنفسَنا في سبيلِ حُطامِ الدنيا واللهُ يقول: {وَمَا الْحَيَاةُ الدُّنْيَا إِلَّا مَتَاعُ الْغُرُورِ} (١).

والفرقُ كبيرٌ بين مُريدِ العاجلةِ ومُريدِ الآخرة، وعنهما قال ربُّنا: {مَنْ كَانَ يُرِيدُ الْعَاجِلَةَ عَجَّلْنَا لَهُ فِيهَا مَا نَشَاءُ لِمَنْ نُرِيدُ ثُمَّ جَعَلْنَا لَهُ جَهَنَّمَ يَصْلَاهَا مَذْمُومًا مَدْحُورًا (١٨) وَمَنْ أَرَادَ الْآخِرَةَ وَسَعَى لَهَا سَعْيَهَا وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَأُولَئِكَ كَانَ سَعْيُهُمْ مَشْكُورًا} (٢).

أيها المسلمون: وثَمّةَ طريقٌ سهلٌ من طرقِ الآخرة طالما غَفَلَ عنه نفرٌ من المسلمين. وهناك عبادةٌ ميسَّرة وعظيمةُ الأجرِ وطالما زهدَ فيها نفرٌ من المسلمين.

إنها عبادةُ الذِّكرِ لله .. يَصِلُ بها الذاكرُ إلى درجاتِ المجاهدين - بل يفوق - وإلى درجاتِ المنفقين والمتصدِّقين بل تزيد.

يقول عليه الصلاةُ والسلام: «ألا أنبِّئُكم بخيرِ أعمالِكم وأزكاها عندَ مَلِيكِكم، وأرفعِها في درجاتِكم، وخيرٌ لكم من إنفاقِ الذهب والورِقِ، وخيرٌ لكم من أن تَلقَوْا عدوَّكم فتضرِبوا أعناقَهم ويَضرِبوا أعناقَكم؟ ذِكرُ اللهِ» رواه الترمذي وابنُ ماجه والحاكم بسند صحيح (٣).

أجل إن الذِّكرَ بشهادةِ المصطفى صلى الله عليه وسلم خيرُ الأعمالِ وأزكاها عند المِلك العلام، وأعظمُها في رِفْعةِ الدرجات.

هل يُعجِزُك يا أخا الإسلام أن تقولَ: سبحانَ اللهِ وبحمدِه؟ وهل تدري أنَّ هؤلاء الكلماتِ المعدوداتِ طريقٌ لمغفرةِ الذنوبِ والخطايا مهما عَظُمَت، وفي


(١) سورة الحديد، الآية: ٢٠.
(٢) سورة الإسراء، الآيتان: ١٨، ١٩.
(٣) صحيح الجامع الصغير ١/ ٣٧٠ ح ٢٦٢٦.

<<  <  ج: ص:  >  >>