للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

نعم إنَّ المكروبَ يجدُ في ذِكْر الله ما يفرِّجُ عنه كُربتَه، وفي ذِكْر الله إنقاذٌ حين يغيبُ المنقذون: {وَذَا النُّونِ إِذْ ذَهَبَ مُغَاضِبًا فَظَنَّ أَنْ لَنْ نَقْدِرَ عَلَيْهِ فَنَادَى فِي الظُّلُمَاتِ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا أَنْتَ سُبْحَانَكَ إِنِّي كُنْتُ مِنَ الظَّالِمِينَ (٨٧) فَاسْتَجَبْنَا لَهُ وَنَجَّيْنَاهُ مِنَ الْغَمِّ وَكَذَلِكَ نُنْجِي الْمُؤْمِنِينَ} (١).

والمريضُ يجدُ في ذِكْر الله ما يُسرِّي عنه ويخفِّف آلامَه، والغريبُ يجدُ في الذِّكر إيناسًا له وتخفيفًا لآلام غُرْبته، إن الذِّكْر يجعلُ من القليلِ كثيرًا ومن الضعيفِ قويًا، ييسِّر العسير ويخفِّفُ المَشَاقَّ، ومن شكَّ فليُجرِّبْ مع استحضارِ عَظَمةِ الله حالَ الذِّكر، والثقةِ بعونِه وتفريجِه.

والمرأةُ تجدُ في ذِكْر الله عونًا لها على مسؤولياتِها، وهذه فاطمةُ بنت محمد صلى الله عليه وسلم شَكَتْ ما تلقى من أثرِ الرَّحى، فانطلقتْ حين علمتْ أن النبيَّ صلى الله عليه وسلم أتاه سَبْيٌ لتأخذَ منه خادمًا لها، فلم تجدْ أباها ووجدتْ أمِّ المؤمنين عائشةَ -رضي الله عنها- فأخبرتها بحاجَتِها، فلما جاء النبيُّ صلى الله عليه وسلم أخبرته عائشةُ بمجيءِ فاطمةَ، فجاء النبيُّ صلى الله عليه وسلم إلى بيتِ عليٍّ وفاطمة وقد أخذا مضجعَهما، فقدَ بينهما .. ثم قال: «ألا أعلِّمُكما خيرًا مما سألتُماني، إذا أخذتُما مضاجعَكما فكَبِّرا أربعًا وثلاثين وسبِّحا ثلاثًا وثلاثين وتَحمَّدا ثلاثًا وثلاثين، فهو خيرٌ لكما من خادمٍ».

يا أخا الإسلامِ: وحين تضيقُ عليك الدنيا وتَقِلُّ ذاتُ يدِك فلا مالَ عندَك ولا عَقَار، فاعلمْ أن بإمكانك أن تعوِّضَ بالذِّكْر ما فاتك من الدنيا لتزرعَ ما شئتَ للآخرة، وفي وصيةِ إبراهيمَ لمحمدٍ عليهما الصلاة والسلام ليلةَ الإسراءِ والمعراجِ قال إبراهيمُ: يا محمدُ أَقْرِئ أُمتَك مني السلامَ وأخبِرْهم أنَّ الجنةَ قيعانٌ، وأنها طيِّبةُ التربةِ عَذْبةُ الماء، وأن غِراسَها: سبحانَ اللهِ، والحمدُ لله،


(١) سورة الأنبياء، الآيتان: ٨٧، ٨٨.

<<  <  ج: ص:  >  >>