للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَقَلِيلٌ مِنْ عِبَادِيَ الشَّكُورُ} (١).

إن التمكينَ في الأرضِ والتفضيلَ على الخلقِ لا يستدعي الكفرَ والظلمَ والكبرياءَ، بل هو -في شرائِع السماء- سبيلٌ للشكرِ للخالقِ والإحسانِ للمخلوقين {وَلَقَدْ آتَيْنَا دَاوُدَ وَسُلَيْمَانَ عِلْمًا وَقَالَا الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي فَضَّلَنَا عَلَى كَثِيرٍ مِنْ عِبَادِهِ الْمُؤْمِنِينَ (١٥) وَوَرِثَ سُلَيْمَانُ دَاوُدَ وَقَالَ يَا أَيُّهَا النَّاسُ عُلِّمْنَا مَنْطِقَ الطَّيْرِ وَأُوتِينَا مِنْ كُلِّ شَيْءٍ إِنَّ هَذَا لَهُوَ الْفَضْلُ الْمُبِينُ} (٢).

معاشرَ المسلمينَ: وخُلاصةُ القولِ: أن آياتِ القرآنِ وقَصَصَه ترشدُنا إلى الارتباطِ الوثيق بالخالقِ في حالِ القوةِ أو الضعفِ، وتَهدِينا للعُبوديةِ الحقَّةِ لربِّ العالمينَ في حالِ السّراءِ والضرّاءِ، وتَدعُونا للشكرِ والعدلِ مع الله ومع خلقِه، وتُحذِّرُنا من مَغَبَّةِ الظلم والكفرِ عاجلًا أو آجلًا.

وتقصُّ علينا من آثارِ الأُممِ والدولِ ما فيه مُدَّكَر .. وصدَقَ اللهُ إذ يقول في هذه القَصَص: {لَقَدْ كَانَ فِي قَصَصِهِمْ عِبْرَةٌ لِأُولِي الْأَلْبَابِ مَا كَانَ حَدِيثًا يُفْتَرَى وَلَكِنْ تَصْدِيقَ الَّذِي بَيْنَ يَدَيْهِ وَتَفْصِيلَ كُلِّ شَيْءٍ وَهُدًى وَرَحْمَةً لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ} (٣).

اللهمَّ اهدِنا بالقرآنِ وانفَعْنا بمواعظِ القرآنِ.

إن المتأملَ في قَصَص القرآن يجدُ أن عددًا من الأُممِ والقُوى الظالمةِ أخذها اللهُ بنوعٍ من العذابِ لا قِبَل للخَلقِ فيه، ويرى أن أسبابَ الهلاكِ جاءتْ من السماء ومن حيثُ لا يحتسبُ أهلُ الأرض، ويرى من جانبٍ ثالثٍ أن العقوبةَ


(١) سورة سبأ، الآية: ١٣.
(٢) سورة النمل، الآيتان: ١٥، ١٦.
(٣) سورة يوسف، الآية: ١١١.

<<  <  ج: ص:  >  >>