وإذا كنا -معاشرَ المسلمين- نستنكرُ قتلَ الأبرياءِ بغير حق، وسواءٌ وَقَعَ ذلكَ في بلادِ الغربِ أمْ في بلادِ الشرقِ، فاستنكارُنا لقتلِ المسلمينَ الأبرياءِ أشدُّ، وأينَ العدلُ، بلْ وهلْ من مقرَّراتِ حقوقِ الإنسانِ أن يُثأَرَ للأمريكانِ على حسابِ الأفغانِ؟ وبأيِّ حقٍّ يُحاصَرُ ما يزيدُ على عشرينَ مليونِ مسلمٍ؟ والمبرِّراتُ المعلَنةُ للحصار والضربِ لا تزال في دائرة الشكوكِ والتُّهم، ولم تتجاوز حدودَ (المشتبَه به، والمتَّهَم الأول) ونحوَها من عباراتٍ لا تتكئُ على حقٍّ ولا تستندُ إلى برهان؟
وكان اللهُ في عونِكم يا مُسلمِي الأفغانِ، فلقد أُتِيتُم من فوقِكم ومن أسفلَ منكم، رَمتكُم مِلَلُ الكفرِ عن قوسٍ واحدة، وتخاذلَ عنكمْ إخوانُكم المسلمونَ في ذِروةِ الشدةِ، وقعَ عليكُمْ نوعٌ من الحصارِ فيما مَضى فأهلكَ الجوعُ شيوخًا ونساءً رُكَّعًا، وأطفالًا رُضَّعًا، وخلَّف أعدادًا من المهاجرين تَهِيمُ على وجهِها حتى تجدَ مأوى أو تَهلِكَ في البيداء.
واليومَ يُحكَمُ الحصارُ عليكم وتُهدَّون بالضرب الماحقِ عشيةً أو ضحى، ويزيدُ من آلامِكم ويُعمِّقُ جرحَكم حينَ يُدعى إخوانُكم المسلمونَ لحصارِكم، وتلك وربِّي - حين تقعُ - مأساةٌ لا في حقِّكُمْ فحسبُ، بل في حقِّ المسلمينَ جميعًا، وإلا فأينَ عقيدةُ الولاءِ للمسلمينَ والبراءةِ منَ الكافرينَ، وتلكَ التي نقرأُ آياتِها في كتابِ ربِّنا صباحَ مساءَ ونعلِّمُها نساءَنا وأطفالَنا، ومنها قولُه تعالى:{وَالْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ}(١) ويصف ربُّنا الذين يتولَّوْن الكافرين بقوله: {تَرَى كَثِيرًا مِنْهُمْ يَتَوَلَّوْنَ الَّذِينَ كَفَرُوا لَبِئْسَ مَا قَدَّمَتْ لَهُمْ أَنْفُسُهُمْ أَنْ سَخِطَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ وَفِي الْعَذَابِ هُمْ خَالِدُونَ (٨٠) وَلَوْ كَانُوا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ