إن تاريخ بني إسرائيل شهد من المعجزات على يدي موسى عليه السلام ما لم تشهده أمة من الأمم قبلهم، وشهد في الوقت نفسه من الحيل والصدود والإيذاء لموسى عليه السلام ما يجل عن الوصف، وحذرت هذه الأمة أن تسلك مسلكهم {يا أيها الذين آمنوا لا تكونوا كالذين آذوا موسى فبرأه الله مما قالوا وكان عند الله وجيهًا}(١).
وإليكم طرفًا من سيرتهم: ذكر أبو بكر بن أبي شيبة عن قيس بن عباد أن بني إسرائيل قالت: وما مات فرعون وما كان ليموت أبدًا، فلما أن سمع الله تكذيبهم بنبيه عليه السلام رمى به على ساحل البحر كأنه ثور أحمر يتراءاه بنو إسرائيل، فلما اطمأنوا وبعثوا من طريق البر إلى مدائن فرعون حتى نقلوا كنوزه وغرقوا في النعمة رأوا قومًا يعكفون على أصنام لهم قالوا: يا موسى اجعل لنا إلهًا كما لهم آلهة- حتى زجرهم موسى وقال: أغير الله أبغيكم إلهًا وهو فضلكم على العالمين- أي عالمي زمانه- ثم أمرهم أن يسيروا إلى الأرض المقدسة التي كانت مساكن آبائهم ويتطهروا من أرض فرعون، وكانت الأرض المقدسة في أيدي الجبارين قد غلبوا عليها، فاحتاجوا إلى دفعهم عنها بالقتال، فقالوا: أتريد أن تجعلنا لحمة للجبارين، فلو أنك تركتنا في يد فرعون لكان خيرًا لنا فدعا عليهم وسماهم فاسقين .. فبقوا في التيه أربعين سنة عقوبة لهم، ثم رحمهم فمن عليهم بالسلوى والغمام.
ثم سار موسى عليه السلام إلى طور سيناء ليجيئهم بالتوراة فاتخذوا العجل، ثم قيل لهم: قد وصلتم إلى بيت المقدس فادخلوا الباب سجدًا وقولوا حطة، فبدلوا وأنزل الله بهم وأنزل كما في القرآن الكريم، وكان موسى عليه السلام شديد الحياء