للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ستيرًا وكانوا هم يغتسلون عراة يرى بعضهم عورة بعض، فقالوا: ما استتر إلا أنه آدر أي من عيب خلقي في خصيته- حتى كشف الله لهم الحقيقة حينما ذهب الحجر بثوبه فأبصروه لا عيب فيه، ولما مات هارون قالوا: أنت قتلته وحسدته حتى نزلت الملائكة بسريره وهارون ميت عليه .. إلى غير ذلك من مواقفهم المشينة حتى بلغ بهم الأمر أن بدلوا التوراة، وافتروا على الله، وكتبوا بأيديهم ما لم يأذن به الله، واشتروا به عرضًا من الدنيا، ثم صار أمرهم إلى أن قتلوا أنبياءهم ورسلهم، فهذه معاملتهم مع ربهم وسيرتهم في دينهم وسوء أخلاقهم (١).

أجل لقد شاء الله أن تكون هذه الأمة نموذجًا لمن بغى وتجبر وأعرض وأنكل بعد أن أبصر من آيات الله ما أبصر فأحل الله بهم بأسه ومسخهم قردة وخنازير وألحقهم بمن سلفهم، وكذلك تعمى القلوب وتصم الآذان عن رؤية الحق وسماع الهدى لدى القوم الفاسقين الغافلين، وصدق الله {وما تغنى الآيات والنذر عن قوم ير يؤمنون} (٢).

إخوة الإيمان هذه الملحمة الكبرى وهذا النصر المبين لحزب الله المؤمنين والغرق والهلاك للطغاة والمفسدين وقع كله في العاشر من هذا الشهر شهر الله المحرم، وعليه فيوم عاشوراء يوم من أيام الإيمان، ومناسبة تستحق الشكر والعرفان- بما شرع الله لا بما يهوى البشر، لا بما يتوارثه أصحاب النحل والملل والأهواء الفاسدة.

وقد قدر المؤمنون على مدار التاريخ هذا اليوم وعظموه وكانت اليهود يصومون ويقولون: إن موسى عليه السلام صامه شكرًا لله، فصامه الرسول صلى الله عليه وسلم وقال:


(١) تفسير القرطبي ١/ ٣٩٢، ٣٩٣.
(٢) سورة يونس، الآية: ١٠١.

<<  <  ج: ص:  >  >>