للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فإذا كان هذا حال الذين لا يعصون الله ما أمرهم ويفعلون ما يؤمرون، وتلك صفة الذين يسبحون الله بالليل والنهار لا يفترون .. فكيف ترونه ينبغي أن يكون خوف المقصرين المفرطين؟

إخوة الإيمان وللخوف من الله موجباته وأسبابه ودواعيه، قال الحليمي- رحمه الله- والخوف على وجوه، أحدها: ما يحدث من معرفة العبد بذل نفسه وهوانها وقصورها وعجزها عن الامتناع عن الله إن أراده بسوء، قال الله تعالى {ما لكم لا ترجون لله وقارًا وقد خلقكم أطوارًا} أي لا تخافوا الله عظمةً .. حيث خلقكم من نطفة ثم علقة ثم مضغة. كذلك فسره ابن عباس وغيره (١).

والثاني: ما يحدث من المحبة وهو أن يكون العبد في عامة الأوقات وجلاً من أن يكله الله إلى نفسه، ويمنعه مواد التوفيق، ويقطع دونه الأسباب، فلا يزال مشفقًا من حرمان محبته، خائفًا من السقوط عنده، قال تعالى: {ربنا لا تزغ قلوبكما بعد إذ هديتنا} وهؤلاء لفرط محبتهم وكثرة دعائهم لخالقهم سماهم الراسخين في العلم.

الثالث: ما يحدث من الوعيد، قالي تعالى: {وإياي فاتقون} {وإياي فارهبون} {ذلك لمن خاف مقامي وخاف وعيد} (٢) {يا أيها الذين آمنوا قوا أنفسكم وأهليكم نارًا وقودها الناس والحجارة عليها ملائكة غلاظ شداد لا يعصون الله ما أمرهم ويفعلون ما يؤمرون} (٣).


(١) ثلاث شعب من الجامع لشعب الإيمان للبيهقي ١/ ٥٨، ٥٩.
(٢) سورة إبراهيم، الآية: ١٤.
(٣) سورة التحريم، الآية: ٦.

<<  <  ج: ص:  >  >>