للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقال الإمام ابن القيم رحمه الله: ونقصان الخوف من الله إنما هو لنقصان معرفة العبد به، فأعرف الناس أخشاهم لله، وهو ينشأ من ثلاثة أمور:

١) معرفة الجناية وقبحها.

٢) تصديق الوعيد وأن الله رتب على المعصية عقوبتها.

٣) أن المرء لا يعلم لعله يمنع من التوبة، ويحال بينه وبينها إذا ارتكب الذنب.

فبهذه الأمور الثلاثة يتم له الخوف، وبحسب قوتها وضعفها تكون قوة الخوف وضعفه (١).

قال العارفون: ليس للعبد صاحب خير من الهم والخوف، هم فيما مضى من ذنوبه، وخوف فيما لايدرك ما ينزل به، ومن المفاهيم الخاطئة عند بعض الناس أن الخوف ضعف ومنقصة، وهو كذلك إذا كان من هموم الدنيا أو تخوف من البشر مهما كانت منازلهم، لكنه قوة ومنقبة إذا كان لله وفي الله، فالخائفون من الله أزكى قلوبًا وأكبر عقولاً من الغافلين السادرين في غيهم وشهواتهم.

والخوف من الله في الدنيا من علامات أهل الجنة، حتى قيل: ينبغي لمن لم يحزن أن يخاف ألا يكون من أهل الجنة لأنهم قالوا {الحمد لله الذي أذهب عنا الحزن} (٢)، وينبغي لمن لم يشفق أن يخاف أن لا يكون من أهل الجنة لأنهم قالوا: {إنا كنا قبل في أهلنا مشفقين} (٣).

وقال ابن المبارك: من أعظم المصائب للرجل أن يعلم من نفسه تقصيرًا ثم لا


(١) طريق الهجرتين ص ٢٨٣، ص المصدر السابق ١/ ٥٩.
(٢) سورة فاطر، الآية: ٣٤.
(٣) من شعب الإيمان ١/ ٢١٥، ٢١٧ (الطور ٢٦).

<<  <  ج: ص:  >  >>