لوظائف الجسم .. مذكِّرٌ للصائم بمن يحتاجونَ للطعام فلا يَجِدُونه (صاموا أم أفطَروا) ولكن هذه المعاني وأمثالُها من اقتصادياتِ الصوم تَضِيع بل تُفهَمُ فهمًا خاطئًا عند قومٍ ما إن يتسامعوا بشهرِ رمضان حتى تمتلئَ بهم الأسواقُ فيشترون ما يحتاجون وما لا يحتاجون، ويجمعون ما لا يأكلون، ومن خلالِ الدراساتِ والتحقيقاتِ تبيَّن أن الإعلاناتِ التجاريةَ تمارِسُ دورًا كبيرًا في خِداع المستهلِك ودفعِه إلى المزيد من الشراءِ لأشياءَ كثيرةٍ لا حاجةَ له بها، بل يتجاوزُ الأمرُ مجرَّدَ الدعايةِ إلى التسهيلاتِ في عمليات الشراءِ، وحملِ السِّلَع إلى المستهلِك في قعرِ بيتِه، ثم يأتي أسلوبُ الدفعِ بالبطاقاتِ أو الأقساطِ أو مكافأةِ المشتري - كلما زاد من نسبةِ الشراء - وسيلةً ثالثةً تُسهِم في الإسراف ومَزيدِ الاستهلاك، فهل نتنبَّه لهذه المخاطرِ الاقتصاديةِ ونجعلُ من شهرِ الصيام فرصةً للاقتصاد غيرِ المُقتِّرِ لتسلمَ بطونُنا من التخمة، وجيوبُنا من النفقةِ المسرفة .. إنها ملاحظةٌ تستدعي النظرَ والعمل. وإذا شاع عند أبناءِ العالم الآخر مصطلَح (ولد ليشتري) فعندنا - معاشرَ المسلمين - المصطلحُ يقول:(ولد ليعبدَ الله) والشراءُ ليس هدفًا بذاتِه بل وسيلةً للعبوديةِ وعمارةِ الكون .. وبئسَ القومُ قومًا لا يتجاوزُ همُّهم البطونَ والفروج .. أولئك كالأنعامِ بل أضلُّ سبيلًا.
ألا فلنستفِدْ من مدرسةِ الصيام في تحقيقِ الاقتصاد المشروع والبُعدِ عن الإسرافِ الممنوع، حتى لا يتحوَّلَ رمضانُ إلى أنواعٍ من المآكل والمشاربِ على حسابِ المشاريعِ العباديةِ والدَّعَوية والصدقة.