للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

المماليكَ على الأسرَّةِ. وقد رفع اللهُ أبا العاليةِ بالقرآن حتى قيل: ليس أحدٌ بعدَ الصحابة أعلمَ بالقرآنِ من أبي العالية (١).

وكما كان لأبي العاليةِ هِمّةٌ في تعلُّمِ القرآنِ وقراءتِه، فقد كانت له همَّةٌ في تعليمِ القرآن وكَشْفِ حقائقِه للمتعلِّمين، وهو الذي كان يقول: إن اللهَ قَضَى على نفسِه أنَّ مَن آمنَ به هداه، وتصديقُ ذلك في كتاب الله: {وَمَنْ يُؤْمِنْ بِاللَّهِ يَهْدِ قَلْبَهُ} (٢)، ومَن توكَّلَ عليه كَفَاه، وتصديقُ ذلك في كتاب الله: {وَمَنْ يَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ فَهُوَ حَسْبُهُ} (٣)، ومن أقرضَه جازاه، وتصديقُ ذلك في كتاب الله: {مَنْ ذَا الَّذِي يُقْرِضُ اللَّهَ قَرْضًا حَسَنًا فَيُضَاعِفَهُ لَهُ أَضْعَافًا كَثِيرَةً} (٤)، ومن دعاهُ أجابَه، وتصديقُ ذلك في كتابِ الله: {وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ} (٥).

وكم نحنُ بحاجةٍ إلى تعلُّمِ حقائقِ القرآن، وإلى الإيمانِ بوَعْدِ القرآن، والخوفِ من وعيدِه، وكم هو مؤلمٌ أن نَهجُرَ تلاوةَ القرآن، أو نهجُرَ العملَ بالقرآن، فنظلَّ نردِّدُ القرآنَ ولكنه لا يكادُ يجاوزُ حناجرَنا.

ودونَكم - معاشرَ المسلمين - مَقُولَة واحدٍ من صحابةِ رسولِ الله صلى الله عليه وسلم يحكي واقعَهم وغيرَهم مع القرآنِ والإيمان، يقول عبدُ الله بنُ عمرَ بنِ الخطابِ رضي الله عنهما: ((لقد عِشْنا دهرًا طويلًا، وأحدُنا يُؤتَى الإيمانَ قبلَ القرآنِ، فتنزلِ السورةُ على محمدٍ صلى الله عليه وسلم يتعلّمُ حلالَها وحرامَها، وآمرَها وزاجرَها، وما ينبغي أن يقفَ عندَه


(١) السير للذهبي ٤/ ٢٠٨، خطب الشيخ عبد الرحمن المحمود ص ٥٥٨، ٥٥٩.
(٢) سورة التغابن، الآية: ١١.
(٣) سورة الطلاق، الآية: ٣.
(٤) سورة البقرة، الآية: ٢٤٥، وانظر سير أعلام النبلاء ٤/ ٢١١.
(٥) سورة البقرة، الآية: ١٨٦.

<<  <  ج: ص:  >  >>