للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وإذا كان من حقِّ الأمواتِ على الأحياءِ المسلمين أن يُذكِّروهم بالخيرِ وأن يترحَّموا عليهم، فلا ينبغي لأحدٍ أن يظنَّ أن الدِّينَ سيَضعُفُ بموت فلانٍ، أو أن الدعوةَ ستتوقَّفُ لرحيلِ فلان .. ذلكم لأنَّ في المسلمين خيرًا والحمدُ لله .. وقد يَنشَطُ جمعٌ من الناسِ لموتِ واحد، بل حصلَ أكثرُ من هذا في تاريخِ وَفياتِ الأعيانِ من المسلمين حين أسلمَ جمعٌ من اليهودِ والنصارى على إثرِ هذه الوفياتِ، فضلًا عن توبةِ مَن تابَ من المسلمين، وانبعاثِ نفرٍ من المسلمين للعِلْم والدعوة.

وفي المقابلِ لا ينبغي للأحياءِ أن يتجنَّوْا على الأموات بعدَ مماتِهم فينسُبوا إليهم ما ليس فيهم، أو يُحمِّلوهم ما لم يتحمَّلوا، وإذا كانت غِيبةُ المسلم لا تجوزُ بنصِّ القرآن والسُّنّة، فالبُهْتان أعظمُ جُرْمًا وأغلظُ تحريمًا.

ومَن دافعَ عن عِرضِ أخيه المسلم كان أجرُه على الله، وفي الحديث: ((مَن ذبَّ عن عِرضِ أخيه بالغِيبة كان حقًا على اللهِ أن يُعتِقَه من النار)) رواه أحمدُ وغيره (١).

إنَّ العصمةَ قد انقطعتْ بعدَ الأنبياء، وكلُّ أحدٍ بعدَهم يُؤخَذُ من كلامِه ويُردُّ، وما فتِئَ العلماءُ قديمًا وحديثًا يردُّ بعضُهم على بعضٍ لكن بهدفِ بيان الحقِّ، ومع الأدبِ والتقدير، وإنَّ المحذورَ تقصُّدُ الردِّ للتشفِّي والتجاوزُ في التُّهمَ، وتناسي ما للمردودِ عليه من فضائلَ، فذلك الذي يُثيرُ الأحقادَ ويبعثُ على الضغائن ويُشِيعُ التُّهَمَ بالباطل، واللهُ تعالى حرَّمَ الظلمَ على نفسِه وجعلَه بينَ عبادِه محرَّمًا. وقد أمر سبحانه بالعدلِ مع الأعداء.

عبادَ اللهِ: ثمةَ تنبيهاتٌ وملاحظاتٌ على حضورِ الجنائزِ وتشييعِها؛ ومنها:


(١) وهو في صحيح الجامع ٥/ ٢٩٠.

<<  <  ج: ص:  >  >>